الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
قيل الكثير عن مخاطر المدير النرجسي، وكيف أنه يميل إلى طبع ثقافته الشخصية على المؤسسة التي يديرها، وهو ما يؤثر بالسلب على قيم التعاون والتكامل بين العاملين في تلك المؤسسة.
ويُعرف عن المديرين النرجسيين نزعتهم إلى المغامرة بقرارات سريعة وخطيرة يمكن أن تضرّ بدورها بقدرة المؤسسة على الاستمرار طويلا، هذا فضلاً عن جُملة من الأخطاء الإدارية التي يمكن أن يقع فيها هذا النوع من الشخصية.
وخلص عدد من الباحثين في علوم الإدارة إلى أن النرجسية يمكن أن تقضي على شركات كبرى بشكل نهائي، تماما كما حدث مع إنرون – إحدى كبريات شركات الطاقة الأمريكية التي أعلنت إفلاسها عام 2001.
ورغم هذه المخاطر المتعارف عليها في القيادات النرجسية، فلم يُكشف سوى عن القليل من الطرق التي يسكلها النرجسيون حتى يصلوا إلى أعلى المناصب في مؤسساتهم.
وهنا نتساءل: هل يسهم الطموح والكبرياء لدى الشخص النرجسي في مساعدته على الترقي بوتيرة أسرع من غيره؟
حاولت دراسة علمية جديدة الإجابة عن هذا التساؤل، وقد دوّن الباحثون عددا من الملاحظات في هذا الصدد، وحول الطرق التي تنتقي بها الشركات موظفيها وتكافئهم.
كيف يولد النجوم؟
ثمة العديد من الأسباب الوجيهة التي تنكر أحقية وصول النرجسيين إلى مناصب عُليا في مؤسساتهم قبل غيرهم من العاملين.
ويمنع التواضع غير النرجسيين من إبراز مواطن القوة والتميز في أعمالهم. أما النرجسيون فيجيدون الترويج لأنفسهم والتأكد من أن إسهاماتهم تلقى اعترافا – حتى لو لم يكونوا يستحقون أيًا من ذلك.
ويرى النرجسي ذاته متضخمة جدا، ومن ثم فهو يبالغ بشكل تلقائي في تصوير خططه وأفكاره الخاصة بالعمل، وهو ما قد يغري رؤساءه (أو القائمين على اختيار الموظفين الجدد) بقبول تلك الخطط والأفكار.
ويلحّ النرجسي في جذب الانتباه إليه، فتبهت بذلك إلى جوار صورته، صورُ زملائه المتواضعين في أعين الرؤساء.
عدد من الأشخاص
التعليق على الصورة،الترقي السريع يعني عدم وجود خبرة كافية مؤهِّلة للاضطلاع بالمسؤوليات والمهام، بحسب الباحثين
وفي المؤسسات التي تنظر بعين سواء إلى العاملين فيها، يمكن بسهولة كشْف غرور الأشخاص النرجسيين، ونسْف ما يقفون عليه من أساس مصطنع. وحينئذ فقط يمكن أن تظهر للعيان أصالةُ أعمال الأشخاص المتواضعين.
واستعان الباحثون في دراستهم بمسحٍ أجري على عينة من حوالي 200 مدير تنفيذي في إيطاليا، والذين أجابوا عن أسئلة متعمقة حول أسلوب الإدارة في شركاتهم.
وطلب الباحثون من هؤلاء المديرين ملء استبيان نفسي حول الشخصية، وكان على هؤلاء المديرين أن يختاروا في هذا الاستبيان واحدة من بين كل جملتين تعبّران عن الشخصية – ومن ذلك على سبيل المثال، الاختيار من بين:
أ) أمتلك موهبة طبيعية لإقناع الناس
ب) لا أجيد إقناع الآخرين
وتعبّر إحدى الجملتين عن ذات متضخمة أكثر مما تعبّر الجملة الأخرى.
وبحساب عدد الجمل النرجسية التي وقع عليها اختيار مالئ الاستبيان، سجّل الباحثون درجة تمثل مستوى نرجسية هذا الشخص، والتي يمكن من خلالها تخمين العديد من سلوكياته.
وقارن الباحثون بين هذه الدرجات وبين بيانات هؤلاء المديرين تتعلق بمناصبهم في المؤسسات التي يعملون بها وتشمل أيضا مستوى تعليمهم وخبراتهم العملية.
واكتشف الباحثون أن الأشخاص الحاصلين على درجات عالية من النرجسية في الاستبيان قد حصلوا على ترقيات في مؤسساتهم بوتيرة أسرع من غيرهم بنسبة 29 في المئة.
امرأة تنظر في المرآة
وخلص الباحثون إلى أن إلحاح النرجسيين في الترويج لأعمالهم تؤتي ثمارا على صعيد الترقّي الوظيفي أكثر مما يؤتي العمل الجاد مع الأشخاص المتواضعين.
وهنا، دقّ الباحثون ناقوس الخطر، قائلين إن وصول النرجسيين إلى أعلى المناصب في مؤسساتهم كفيل بأن يوقع تلك المؤسسات في مشكلات.
ذلك أن الترقي السريع يعني عدم وجود خبرة كافية مؤهِّلة للاضطلاع بالمسؤوليات والمهام، فضلا عما يُعرف به النرجسيون من الاندفاع والتعجل في اتخاذ القرارات.
ويميل النرجسي إلى التعامل بشكل سيء مع التحديات المباشرة لسلطته فلا يترك مساحة لمن يريد إقناعه بوجهة نظر تخالف وجهة نظره؛ حتى ليتعين عليه أن يصوغ فكرته في قالب يغازل الأنا المتضخمة لدى هذا المدير.
ونصح الباحثون بأن يحاول الأشخاص المتواضعون إظهار مواهبهم والتعبير عنها بشكل أكثر وضوحا للمديرين، حتى لا يُخلون المضمار للنرجسيين فيحقق هؤلاء أغراضهم دون وجه حق.
وإذا كنت متواضعا فليس من ضرر أن تتخلى قليلا عن تواضعك المعتاد إذا ما وضعتك الظروف أمام شخص نرجسي.
وقد يكون من سوء الطالع أن يضطر المرء إلى مصاحبة شخص نرجسي في مكان العمل، ولكن مع الوقوف على مسالك هؤلاء النرجسيين ومخاطرهم، يتعين علينا أن نبذل ما نستطيع ولا ندعهم يصلون إلى مناصب ليسوا أهلا لها.