الرئيسية مقالات واراء
أنهت لجنة تحديث المنظومة السياسية عملها، وهي بانتظار ضرب موعد محدد لتسليم مخرجاتها لجلالة الملك، حدث ذلك بعد شهور مضت على حوار طويل الأمد، وعمل جديّ، وتجاوز لكل العثرات والاستهدافات، والأهداف المتسللة، وكان لها ان تدير ظهرها لكل التحديات دون ان تزدريها بل درستها وأفادت منها، وتعلمت منها الكثير، وجاءت الاستجابة لتلك التحديات بمخرجات إصلاحية حقيقية.
كان الرهان على قوى الرفض والتشكيك بأن اللجنة لن تقدم جديداً، والبعض قال بان الاملاءات حاضرة وان القوانين جاهزة، والبعض هاجم فريق اللجنة، وهو هجوم له أسبابه ومركباته التي غذته، وثمة مخالفة وبيانات صدرت معارضة لمخرجات وأفكار اللجنة من أناس لم يعرفوا حقيقة ما انتهت اليه المخرجات، هؤلاء الذين لا يعرفون ما كان يحدث كانوا جل من قال بانه لا يثق باللجنة في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، والبعض ممن قال بعدم الثقة عائد لطبيعة عالم الاستطلاعات وغرائبيتها وعيناتها وتوقيت السؤال؟.
المخرجات في النهاية كانت تعبيراً عن حالة حوار مسؤول، وعن إرادة حقيقة عند أعضاء اللجنة بتقديم شيء للبلد، وعن رهان على التغيير لدى جلالة الملك، ولم يكن من العسير ان يحدث ما حدث لولا الجهود الكبيرة التي بذلها الزملاء كلهم وفريق الدعم اللوجستي، ودعم الإعلام المهني الملتزم بقواعد الحرفية والموضوعية.
حظيت اللجنة بفرصة واضحة ودعم ملكي وثقة كبيرة، دفعتها لتقديم مخرجات مهمة، وكان لديها متسع من الوقت، وتوفر لديها مرجعيات فكرية فيها من التنوع الكبير انتج ما انتج من مخرجات مفصلية وواضحة، نرى انها بداية لاستعادة الثقة بالمسار الديمقراطي، وستجعل المؤسسة الحزبية والبرلمانية أفضل في المستقبل، كما انها ستحدّث البلديات وعملها.
لقد مثلت اللجنة حدث الصيف الكامل، وملأت الأخبار، تعرضت لهجوم شرس، وحظيت بدعوات كثيفة من قبل المؤمنين بالإصلاح، قدّرت الاختلاف، ولامست بشخصية رئيسها واعضائها ملفات ساخنة، ولم تضع رأسها في الرمل، استمر الجو غائما احياناً واستمر الهجوم، وهو أمر مقدر ومعروفة مرجعياته ولغته الاجتماعية، ولا ضير في ان يكون هناك مخالفة، لكن المشكلة كانت في عدم ايمان البعض بوجوب التحديث والرغبة بالبقاء بما نحن عليه، وهؤلاء رفعوا شعارات مثل تهديد الهوية الوطنية والتوطين وتغير دين الدولة فكانت طروحاتهم خارج مهمة اللجنة ورسالة تكليفها السامية، فسقط تلك الاتهامات سريعا.
نعم كان هناك طبقة رافضة للجنة ورسالتها وشخوصها لأسباب غير مفهومة، لكن ثمة مجاميع كانت مواقفها مفهومة؛ لأنها أعلنت باها معنية بالخبز والفقر والحريات أكثر من التحديث، ومع كل التقدير لحاجات الناس ومواقفهم، تبقى الساسة وتحديثها سبيلاً من سبل التغيير في حياة الناس، ولذلك وجب التقدم للمجتمع بما يليق بمستقبله وحاجات ابنائه. لذا، كان يجب ان يكون قانون الانتخاب مختلفا وكذلك الأحزاب، واما مخرجات الشباب والمرأة والإدارة المحلية فإن طُبقت فإنها سوف تُحدث فرقاً يطمئن إليه الناس ويصيبهم بالخير وينتفعون به، وذلك ما هو ابقى واعظم عند ربك ثوابا وأحسن أجرا.