الرئيسية مقالات واراء
عملياً يبدو نائب لرئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية توفيق كريشان في جولاته الميدانية مطبقا للتوجيه الملكي والايعاز الحكومي للوزراء بالنزول للميدان، ولا يجافي الوزير الصواب حين يقول بأن أحد اهم نتائج الزيارات الكشف عن ان الخدمات المقدمة للمواطنين في الأطراف ليست كما يجب، وأن مطالب الناس محقة.
تابعت أول أمس جولاته على بلديات الشمال، فيما الفضاء الأزرق الفيسبوكي كان يتحدث عن موكب الوزير الذي يجب ان يرافقه في الميدان المدراء التنفيذيون في وزارته ورؤساء لجان البلديات، لكي يسمعهم أسئلة الناس، ويجعلهم يقدمون الاجابات عليها، فإن البعض استكثر على الوزير ان يرافقه رجال إدارات الوزارة بسياراتهم.
ليس المقام هنا الدفاع عن توفيق كريشان، الوزير وصاحب الخبرة الطويلة في العمل العام، والذي بدأ حياته موظفا بسيطا في شركة مصفاة البترول وخاض التجربة النيابية والوزارية عدة مرات. بل المهم عنا هو الحديث عن الأداء والمباشرة بخدمة الناس والتواصل معهم والانصات لآراء العامة، وتبني الممكن منها وحل المستعجل وعدم جعل الأمور كلها في رهان مع مكاتب الوزارة في عمان.
لا يقدم كريشان حلول سحرية، ولا يطرح نفسه بطلا للإصلاح بيوم وليلة، لكنه يباشر الخلل، ويتابع التفاصيل، ويسائل المسؤول عن الـتأخير، ويعزز معنويات عامل وطن هنا او هناك، ولربما كان من اكثر القضايا التي سمعها هو الحديث عن مسائل التنظيم ومعاناة الناس من البطئ فيها، وضعف الإنجاز كما يرون مما يضطرهم أحيانا للغضب والسؤال عن أسباب الـتأخر.
إن وازرة الإدارة المحلية هي عنوان كل اصلاح، والبلديات هي مكمن العلل، ولا سبيل للتحديث والتطوير دونما اقناع الناس بأن الخدمات المقدمة لهم تسير في حال افضل، ولعل المستقبل سيكون افضل مع تطوير نهج اللامركزية، الذي سيوفر الكثير من الأعباء ويعفي الناس من الذهاب لعمان بحثا عن حلول لمشاكل يومية بسيطة.
لقد زار كريشان الكثير من المواقع، ويعرف المعضلة ويعرف المشاريع المتأخرة والنائمة والتي تبخرت، وذات مرة حدثني عن قصة بركة البيبسي وعن تطويرها، كان لدى الرجل حسرة كبيرة جراء غياب الخطط والتراكم في العمل واختفاء المشاريع، ثم ظهورها بصيغة ازمة او انجاز او وعد.
المهم ماذا يريد الناس من كريشان الوزير الذي طالما فتح أبواب بيته للقادمين إلى بيته من معان طلبا لحل مشاكل يومية وتنفيذ طلباتهم؟ ببساطة الاستمرار بالخروج من عمان وترك مقر الحكومة في الرابع والدوام كل أسبوع في محافظة والنوم عند أهله الطيبين في كل مناطق الأردن، ولتكن تجربة أولى في أن وزير يترك العاصمة المخدومة لكا أنواع الخدمات ويذهب للميدان ويعيش هموم الناس.
طبعا هذا طلب قد يكون متعذر وصعب، لكن هذا لسان حال الناس في طلب ما يحبونه جراء غربة الوزراء الذي مروا على حياتنا في السنوات الأخيرة، فبعض المناطق في الأردن منذ عقدين لم يزرها مسؤول، او انها حين تزار تكون الزيارة من نوع رفع الكلفة!!
اخيراً لو كان الوزير كريشان في زياراته لوحده بسيارته لقيل اكيد جاء على عزومه ومرّ من هنا او هناك لرفع العتب، والاصح ان يكون معه في الميدان كل من هم معنيون في خدمة الناس وبكل مظاهر هيبة الدولة، فتحية لكل من يخرج من عمان للميدان.