الرئيسية مقالات واراء
قبل عامين من هذا التاريخ وفي بداية العام الدراسي 2019 تصاعدت أزمة بين نقابة المعلمين من جهة وبين الحكومة من جهة أخرى كانت مبنية على طلب وحيد من النقابة وهو زيادة الـ50 %.
الحكومة في ذلك الوقت كانت تحت ضغط عجز في الموازنة وكأن لسان حالها يقول: لن نستطيع إقرار هذه الزيادة بالشكل المطلوب لأن العجز في الموازنة سيرتفع بحدود 100 مليون دينار، وفي حال إقرار هذه الزيادة سيكون مطلوب منها زيادة مماثلة لجميع القطاعات الحكومية.
النقابة لم يقنعها ذلك الطرح ولوحت بعمل إضراب للمعلمين؛ وهذا فعلاً ما حدث عند بداية الفصل – إضراب شامل شل الحركة التعليمية لعدة أسابيع-.
خلال هذه الفترة قدمت الحكومة تنازلات ورفعت نسبة الزيادة – بحدود 10 %- لكن النقابة تمسكت بنسبة
الـ50 %، وأذكر حينها -عندما كنت رئيس لجنة التربية النيابية – كان هناك تقريب لوجهات النظر وكنا قريبين من توقيع اتفاق لحل الأزمة وذلك برفع ما تقدمة الحكومة من نسبه وأن تخفض النقابة من نسبة الـ50 %، لكن لم نصل للنسبة التي ترضي الطرفين.
تفاعلت الأزمة ودخل وسطاء كثر وتم طرح نقاط إضافية، وفي ليلة من ليالي 2019 تم الاتفاق على نقاط قدمتها الحكومة مع نسبة وصلت 33 %، وعندها تم فض الإضراب وعاد الطلبة الى صفوفهم.
لكن الأزمة لم تنتهِ فعلياً…!
حيث أتت بعدها أزمة كورونا وتم إيقاف كل الزيادات لجميع موظفي الدولة ومن ضمنهم المعلمون؛ ذلك الشيء لم يعجب النقابة ولوحت بإضراب جديد لكن الحكومة قامت بخطوات كان أهمها حل نقابة المعلمين ومجلس النقابة بعد حكم قضائي من محكمة البداية ووضع لجنة لإدارة النقابة.
ومن يومها بقيت التجاذبات بين النقابة المنحلة وبين الحكومة وذلك من خلال المحاكم وتم رفع عدة قضايا، وتمت أيضًا حركة استيداع لعدد من المعلمين طالت عددا لا يستهان به عللتها الحكومة بأنها شيء روتيني يحدث وبشكل طبيعي.
قبل عدة أسابيع بدأت تلوح في الأفق بوادر إيجابية وأصبحنا نلاحظ ظهور “حلحلة”؛ حيث قامت الحكومه بإعادة مجموعة من المعلمين الذين تمت إحالتهم على الاستيداع.
وعلى صعيد القضايا المرفوعة فإنه تم ردّ الدعوى الخاصة بحلّ مجلس نقابة المعلمين من قبل محكمة الاستئناف، وبقيت القضية الجزائية والمتعلقة بحلِّ نقابة المعلمين بأكملها فهي ما تزال منظورة أمام محكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية ولم يصدر بها قرار حتى الآن.
كل هذه الحلحلة – كما سميتها- شي جيد ومبشر، ولكن يجب أن تتبعها تفاهمات بحيث لا تستقوي اي مؤسسة مهما كانت على الدولة – فقوة الدولة قوة للمواطنين-، وفي نفس الوقت يجب على الحكومات أن تتعامل مع هذه المؤسسات بشكل تكاملي بحيث تسمع منها وتحاورها ولا تسمح ان تصل الأمور الى الصدامية.
مع الهدوء النسبي في أزمة كورونا، ومع العودة لممارسة النشاطات اليومية وعودة الحياة للنقابات -وذلك بعمل انتخابات نقابة الصحفيين وتوقع السماح للنقابات بعمل انتخاباتها-، وفي حال انتهت القضايا حول حل النقابة كما انتهت قضية حل مجلس النقابة؛ فإن الحل الجذري يكمن في عقد انتخابات لنقابة المعلمين وتشكيل مجلس للنقابة يدافع عن حقوق منتسبيها وبذلك نكون قد طوينا الصفحة الاخيرة من كتاب أزمة النقابة وبدأنا صفحة جديدة.