الرئيسية مقالات واراء
في الأخبار أن القاهرة قررت البدء بنقل مقار الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة.. هذه خطوة شجاعة.
الخطوة الأكثر شجاعة هي انشاء هذه العاصمة ليس لمكاسبها الاقتصادية فقط بل لأنها خلقت وجها جديدا وحديثا للقاهرة وفكت أزمتها السكنية والمرورية.
نقل مقار الحكومة إلى تجمع واحد هو قرار سياسي تجاوزت فيه القاهرة كل المصائب الأمنية التي لا تفيد الاقتصاد في شيء.
في الأردن لمعت الفكرة وخفت بريقها لأن الحكومات متاحة بعضها البعض ومؤخرا أبدى الرئيس الخصاونة خلال زيارته إلى القاهرة في وقت ليس بعيداً إعجابه بعاصمة مصر الإدارية.
نريد من الرئيس الخصاونة أن يسجل ذات الخطوة الشجاعة ويترك للحكومات اللاحقة مشروعاً ضخماً تنشغل فيه.
لم تتكلف الخزينة المصرية مليما واحدا كل فعلاه هو في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها مشروعات العاصمة وتحويلها إلى مصدر للتمويل بحيث تستخدم هذه القيمة الاقتصادية الناتجة عن بيع الأراضي للمستثمرين في تمويل عمليات الإنشاء وسداد مستحقات المقاولين والعمال بها.
في الأردن سارع المعارضون لمشروع المدينة الجديدة إلى تقديم العراقيل بدلا من الفوائد مثل صعوبة التمويل حتى أن أحدهم بلغ من فصاحة اللسان عمقه فقال إن العواصم لا ترحل!
المشروع يحاكي أمثلة كثيرة في العالم لم ترحل فيها العواصم بل توسعت الى شطرين، تجاري وإداري.
في الأردن يتجمع عدد كبير من السكان في مساحة صغيرة والعكس صحيح فالعاصمة والبلقاء والزرقاء ومأدبا تمثل 2ر16%من مساحة المملكة، يقطنها 4ر60% من السكان.
والجنوب حيث الكرك ومعان والطفيلة والعقبة، يمثل 2ر51% من مساحة المملكة يقطنها 1ر10% من السكان.
عمان بوضعها الراهن محسومة لعدد محدود من ملاك الاراضي وهي نتاج لمصالحهم، عائلات وأفراد تملكوها بالوراثة أو بطرق أخرى، صنعت لهم ثروات طائلة، لكن الأهم كان في نفوذهم الواضح في التخطيط لعمان وتأثيرهم البالغ في شكلها جغرافيا وديموغرافيا بما في ذلك تخطيط الأحياء والشوارع وتحديد القيم والأسعار.
المواطن يتخوف من المشاريع العقارية العملاقة، فما سبق منها فشل أو أعتبر فسادا.
مشروع المدينة موجود والاراضي الفارغة حول عمان هي اراضي خزينة جامدة..
إنشاء مدن جديدة لابتكار حلول عجزت عن إيجادها بالطرق التقليدية لكن الأهم هو في امتلاك أصول جديدة لا تخلق ثروة فقط بل تدر دخلا للدولة وفيها منافع أخرى وقد فكرت حكومات سابقة في طرح هذه الأراضي للاستثمار المحلي والعربي والدولي لكنها اصطدمت بسيل من الانتقادات ومعارضة بعثت قصة قديمة جديدة من قمقمها اسمها الواجهات العشائرية وحجج أخرى ليس أقلها التفريط في المقدرات.
انتقادات بعض الأصوات لمشروع المدينة الجديدة مفهومة، خصوصا في ظل مخاوف تراجع قيمة الأصول والأراضي في عمان وهي التي خلقت ثروات طائلة لملاكها نتيجة ارتفاع أسعارها في فترات قصيرة ولم يأخذ هؤلاء بعين الاعتبار أن تسهم المدينة الجديدة في إعادة التوازن للقيم التي تضخمت فسحقت الطبقة الوسطى وطردت الفقراء من اللعبة تماما.
المدينة هي خلق ثروات تعيد توزيع مكاسب التنمية بعدالة وتسهم في تحقيق تنمية من نوع جديد يجد فيها الفقراء ومتوسطو الدخل فرصا جديدة ظنوا أنها فاتتهم.