الرئيسية تقارير
أحداث اليوم -
أحمد بني هاني - في الثلاثين من أيلول الماضي، توفيت الأربعينية حمدة التي كانت تعمل بأحد مشاغل الخياطة في منطقة الأزرق، عقب تعرضها لضغوطات نفسية وتهديدات بالفصل من قبل رئيسها في العمل، أدت إلى حدوث انفجار في (أم الدم الدماغية) ونزيف في المخ.
هذه الحادثة أثارت جدلا كبيرا في الأردن، وفتحت باب التساؤلات حول وجود بيئة عمل لائقة للنساء العاملات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، والحاجة إلى تطوير التشريعات ومعالجة القصور في الصحة النفسية والآثار التي تنجم عن العنف ضد النساء.
وتقول سلسبيل* (27 عاما) والتي تعمل في مصنع للألبسة في منطقة الأغوار الشمالية منذ ثلاث سنوات إن غالبية العاملات في المصنع يتعرضن لضغوطات في العمل من قبل المشرفين، "بطلبوا منا نشتغل فوق طاقتنا وإذا صار في غلط حتى لو بسيط بعطونا إنذار أو ببهدلونا ومرات بخصموا علينا من رواتبنا، وإذا تأخرنا لو خمس دقائق بخصموا كمان".
وتؤكد أنها تتقاضى راتبا 220 دينار وهو أقل من الحد الأدنى للأجور المطبق حاليا 260 دينار، وذلك بعد استثناء اللجنة الثلاثية لشؤون العمل العاملين في قطاعات محددة من قرار رفع الأجور من بينها قطاع الألبسة والمنسوجات. "بدنا نشتغل ونصرف على بيوتنا ونقبل بأي ظرف الحياة صعبة ومشاكل الشغل بتهون حتى لو في بهادل وتهديدات كلها ساعات وبننسى المهم الشغل".
وتشير تقى* (32 عاما) احدى المعلمات في المدارس الخاصة في محافظة إربد إلى أنها واجهت صعوبة في إكمال عملها بسبب المعاملة السيئة التي تعرضت لها من قبل أصحاب المدرسة، " كنت أصحى بكير وأداوم من السابعة صباحا ولوقت متأخر بعد الخامسة مساءً وبدون أي تعويضات أو بدل والراتب كان أقل من 170 دينار مع هيك كنت أضطر أداوم حتى أساعد زوجي والذي يعمل بالمياومة في محل للملابس".
وتضيف أنها عانت وزميلاتها في المدرسة من الإساءات المتكررة والتهديدات بالفصل "إذا مش عاجبك الشغل في غيرك كثير"، وتتساءل كيف ستكون الحالة النفسية للمعلم أثناء الحصص اليومية بهذه الظروف. ما دفعها لتقديم استقالتها علم إدارة المدرسة بحملها مؤخرا ما زاد الضغوطات عليها وعدم مراعاة ظروفها النفسية والجسدية ومنعها من الحصول على إجازات مرضية أو سنوية رغم عملها منذ سنتين في نفس المدرسة.
وتنص المادة 57 من قانون العمل على: "عدم جواز تشغيل العاملين أكثر من ساعات العمل الرسمية، البالغة 8 ساعات يوميا، إلا في حالات خاصة، ولفترة لا تزيد على ثلاثين يوما في السنة"، فيما تنص المادة 59 على "يجوز تشغيل العامل بموافقته أكثر من ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية على أن يتقاضى العامل عن ساعة العمل الإضافية أجرا لا يقل عن 125% من أجره المعتاد".
أما نسرين* (22) فكانت تعمل سكرتيرة في احدى شركات القطاع الخاص قبل أن تقدم استقالتها نهاية العام الماضي، بعد تعرضها لإساءات وتهديدات ونظرات سلبية وأحاديث جانبية خارج نطاق العمل من قبل مديرها لإرغامها على أداء مهام وظيفية أكثر وبراتب أقل من الحد للأجور بكثير أو الاستقالة.
"توبيخ وإساءات مباشرة وجهت لي خلال الاجتماعات مع الإدارة رغم إني ما كنت أغلط بالشغل وأسلمه بالوقت المحدد حتى لو تأخرت بعد الدوام، وكنت أروح الباقي معي على البيت وألتزم فيه"، تقول نسرين. مؤكدة أن بيئة العمل لم تكن تعاملها كبشر وإنما عاملتها كأنها آلة بلا مشاعر إنسانية أو ضغوطات نفسية من الإساءات المتكررة.
وفي تقرير سابق أعده معد التقرير سلط الضوء على معاناة العاملين في قطاع الخدمات الصحية المساندة وخاصة العاملات اللواتي يعملن في ظروف صعبة وبيئة عمل غير لائقة، إذ لا يتمتعن بحقوقهن العمالية كاملة ويتقاضين رواتب أقل من الحد الأدنى للأجور مع وجود تمييز فيها، وعدم إشراكهن بالضمان الاجتماعي وعدم منحهن الإجازات السنوية أو المرضية أو إجازات الأمومة، كما يتعرضن لتهديدات بالفصل والتحرش بحسب مراقبين.
وقدّر عدد المتعطلين عن العمل لعام 2020، 404105 شخصا، من بينهم 110595 أنثى، فيما تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في زيادة ملحوظة على معدل البطالة بين الإناث ليصل إلى 33.6% نسبة الجامعيات منهن 77%، كما فقدت ما يقرب من 20 ألف عاملة فقدن أعمالهن خلال الجائحة، بحسب بيت العمال الأردني.
ولا تتوفر أي إحصائيات حول النساء العاملات بدون عقود عمل في الأردن، فيما تظهر نسبة الاشتراكات في الضمان الاجتماعي تفوقا لصالح الرجال في سوق العمل وبنسبة 72.3% مقابل 23.7% للنساء، ما يؤشر على ضرورة التركيز على شمول النساء بشكل أكبر في الضمان مستقبلا.
العنف يتزايد
وترى الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس أن العنف يتزايد ضد النساء في أماكن العمل بسبب نظرة أصحاب العمل لهن، واصفة بيئة العمل في الأردن بأنها غير لائقة بالنسبة للنساء.
وتقول النمس إن هناك حالة من التهميش والاستقواء على النساء في مواقع العمل المختلفة، وإجبارهن على أداء أعمال منهكة ولساعات عمل طويلة وبرواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور وأقل منها مقارنة مع أجور الرجال، لافتة إلى قبول الكثير من النساء لهذه الأفعال بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتضيف أن هناك قصور في التشريعات بشأن حماية العاملين في عالم العمل، وخلوها من وجود تعريفات واضحة للعنف أو التحرش، مشيرة إلى أن الدراسات والمؤشرات تؤكد أن المرأة تغادر سوق العمل في حال تعرضها لمعاملة سيئة أو عنف أو تحرش، ويحتل العنف النفسي واللفظي النسبة الأكبر فيما يشكل التحرش النسبة الأقل من العنف ضد النساء بحسب النمس.
ودعت إلى ضرورة مصادقة الأردن على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، والتي تقر بحق كل فرد في عالم عمل خال من العنف والتحرش، بما في ذلك العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي، موفرة حماية واسعة تنطبق على القطاعين العام والخاص، والاقتصاد المنظم وغير المنظم، وفي المناطق الحضرية والريفية.
وتبين النمس أن مصادقة الأردن على الاتفاقية من شأنه الحد من العنف ضد المرأة في سوق العمل، وتوضيح النصوص القانونية لتكييف العنف أو التحرش والعقوبات للفعل الجرمي في حال تعرضها للانتهاكات والعنف، ألا يكون الحل الوحيد للتصدي للعنف أو التحرش هو ترك المرأة للعمل بل يجب معاقبة مرتكب الفعل.
وتهتم مؤسسات ومنظمات مجتمع المدني في الأردن باستقبال شكاوى النساء المتعلقة بالعنف أو التحرش مثل (جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، المرصد العمالي الأردني، جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان)، بحسب النمس.
وتؤكد أن اللجنة الوطنية ليست جهة تنفيذية أو مقدمة للخدمات من هذا النوع، ولكنها في نفس الوقت تستقبل شكاوى النساء ويتم توثيقها ورفعها كأرقام وتقارير للفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف.
دور اللجنة يقتصر على مستوى التشريعات والسياسات وتغيير الاتجاهات المجتمعية ومتابعة أداء المؤسسات بهذا الشأن، مؤكدة أن هناك ضغط لدفع الحكومة إلى تبني اتفاقية العمل الدولية 190 والعمل على وضع التزامات لتعديل الأنظمة والتشريعات، ومع القطاع الخاص أيضا من أجل تبني أنظمة داخلية لحماية النساء العاملات، تتحدث النمس.
%17 من النساء تعرضن للتحرش الجنسي اللفظي
وتشير دراسة أعدها مركز مآل للاستشارات والتدريب والتنمية البشرية حول قصور العدالة للفتيات المتضررات من جراء العنف والتحرش في أماكن العمل إلى أن 29% من النساء التزمن الصمت إزاء العنف والتحرش، فيما خشيت ما نسبته 17% من العاملات أن يتم الانتقام منهن إذا أبلغن عنه، في حين استقالت 14% من النساء المعنفات.
وبحسب الدراسة فإن نحو 20% من النساء العاملات تعرضن للتحديث غير المرغوب به، و17% للتحرش الجنسي اللفظي، فيما تعرضت ما نسبته 16% لرسائل غير مرغوب بها، و15% للمس غير المرغوب به، فيما كشفت نتائج المسح عن تعرض 15% من العاملات لإيماءات غير مرغوب فيها، و10% للمطاردة، و10% تعرضن لدعوات غير مرغوب فيها ذات طبيعة جنسية.
بيئة خالية من الاهتمام بالجوانب النفسية
من جهته يؤكد الاستشاري النفسي والتربوي موسى مطارنة أن بيئة العمل في العالم العربي تخلو من الاهتمام بالجوانب النفسية والاجتماعية، مضيفا أنها قد تؤثر بشكل سلبي على إنتاجية العامل وقدرته على الاستمرار في العمل.
ويقول المطارنة إنه يجب أن يتمتع العامل بقدر من الاهتمام والراحة النفسية حتى يكون قادرا على أداء المهام المطلوبة منه، ولكن معظم الإدارات تقوم على النظام التقليدي من استغلال للعمالة وإساءة استخدام أدوات العمل وخاصة ضد النساء.
ويوضح أنه يجب أن يراعي أصحاب العمل طبيعية المرأة التكوينية ومشاعرها لذلك على الإدارات مراعاة هذه الظروف النفسية والاجتماعية وتأثرها السريع بما يحيط حولها على عكس الرجال الذين يمتازون بالخشونة والقدرة على التأقلم مع كل الظروف.
وشدد المطارنة على ضرورة وجود أنظمة تحكم العمل تتضمن مراعاة الحالات النفسية للعمال، مشيرا إلى أن أي تجاوز في العلاقة مع النساء في أماكن العمل أو استخدام العنف قد يؤدي إلى آثار سلبية كبيرة.
ودعا إلى إلزام المؤسسات والشركات بتوفير مستشار للأعمال والحياة يركز في عمله على الحالة النفسية للعمال سواء أكانوا رجالا أو نساء، وعلى الترابط بين العمال والمسؤولين في العمل وهو ما يؤثر بشكل إيجابي على العمل ويرفع إنتاجيتهم ويزيد الانتماء للمؤسسة التي يعملون بها.
العنف ضد النساء ليس ظاهرة
ويعترف رئيس اتحاد نقابات العمال الأردنيين مازن المعايطة بغياب العمل اللائق في كثير من القطاعات من حيث تطبيق الحد الأدنى للأجور وحجم الهوة بين الأجور وتكاليف المعيشة والمواصلات وتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية والشمول بالضمان والتأمين الصحي.
ويقول إن دور النقابة يتمثل بمتابعة الشكاوى التي تتضمن خروقات أو استخدام للعنف ضد العمال أو الاعتداء عليهم، وفي حال عدم استجابة الإدارات يتم تحويلها لوزارة العمل ومتابعتها من خلالهم، غير أنه لا يوجد لديه أرقام حول عدد القضايا.
ويرفض المعايطة اعتبار العنف ضد النساء والتحرش بهن ظاهرة أو مشكلة كبيرة، مؤكدا أنه يتم التعامل مع القضايا بشكل مهني ومن خلال توعية العاملات بحقوقهن العمالية عن طريق ورشات نشر الثقافة القانونية في قانون العمل.
ويدعو إلى إنشاء عيادة قانونية في أماكن العمل لمعالجة هذه القضايا قانونيا وأن يتم تزويد المؤسسات بخبراء نفسيين لمساعدة أي عامل تأثر نفسيا بهذه الأحداث وتأهيله حتى يصبح قادرا على الإنتاج مرة أخرى في مؤسسته الحالية أو غيرها.
تغليظ العقوبات لردع العنف
وتتفق الاستشارية في الموارد البشرية والناشطة في حقوق العمال سالي أبو علي بانتشار العنف ضد النساء في سوق العمل بشكل كبير، ويتضمن هذا العنف أشكالا وصورا عديدة منها حرمان الأمهات العاملات من حقوق الأمومة وعدم منحهن إجازة الأمومة وساعة الرضاعة.
وتقول أبو علي إن معظم هذه الضغوطات تستهدف منع العاملات من التطور في سلم الأداء الوظيفي وعدم الحصول على ترقية أو زيادة الراتب، مشيرة إلى العنف أو التنمر قد يصدر من نساء عاملات أيضا يتسلمن مناصب عليا في مواقع العمل بحسب رصدها.
ودعت إلى تغليظ عقوبات العنف والتنمر في مواقع العمل وأن يتم تعويض العاملات عن الضرر النفسي والاجتماعي، ويجب أن تكون هناك هيئة مختصة كما فعلت بعض الدول العربية للفصل بسرعة في قضايا العمال وذلك حفاظا على حقوق الطرفين وعدم استنزاف الجهد والمال لسنوات.
ولفتت أبو علي إلى أن العنف تجاه المرأة يبدأ من المقابلات للعمل مثل سؤالها عن نيتها الزواج أو الحمل أو بعض الأسئلة الخاصة الأخرى.
العمل ترد
ويقر الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود بخلو القانون من أي مواد بشأن الصحة النفسية للعاملين في أماكن العمل.
ويقول الزيود إن هناك مديرية في الوزارة تقوم بالتفتيش على المنشآت للتأكد من مدى التزامها بمعايير الصحة والسلامة المهنية، مضيفا أن المادة 29 من قانون العمل تسمح للعامل بترك العمل دون إشعار إذا تعرض للتهديد أو الضرب أو الإيذاء مع حصوله على كافة مستحقاته المالية.
تشريعات غير كافية
بدوره يؤكد رئيس مركز بيت العمال حمادة أبو نجمة أن هناك ثغرة تشريعية في القانون بعدم وجود نص صريح وواضح لتعريف العنف في أماكن العمل، مطالبا بوضع قانون حاسم وشامل يعرف العنف ويحدد أشكاله وأن يتضمن عقوبات بحق مرتكبيها.
ويقول إنه يجب إلزام أصحاب العمل باتخاذ إجراءات وقائية وتوفير أنظمة ولوائح داخلية توفر بيئة عمل سليمة مبنية على الاحترام بين المسؤولين والعمال من جهة وبين العمال أنفسهم من جهة أخرى.
ويتفق أبو نجمة مع النمس بوجوب مصادقة الأردن على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 للحد من العنف، لافتا إلى أنه يمكن حل هذه الإشكاليات عن طريق التشريعات والتطبيق الأمثل لها، وهذا الأمر ينسحب أيضا على الرجال وليس النساء فقط.
ويشير إلى أن النساء مهمشات أكثر في سوق العمل ويتعرضن للعنف والتحرش بشكل أكبر من الرجال، رغم أن ظروف النساء قد تكون أصعب بسبب طبيعة المرأة ونظرة المجتمع لعمل المرأة ودورها وهو ما يزيد النظرة النمطية للمرأة على اعتبار أن دورها هامشيا وليس أساسيا في العمل.
ويبين أن النساء يواجهن مختلف أنواع العنف من إجبار على العمل أو صرف رواتب دون الحد الأدنى للأجور وفرض شروط قبل قبولها في العمل من بينها عدم الحمل والتعنيف والتهديد بالفصل لإجبار الموظف على الاستقالة، إلا أن العنف الأكبر هو اللفظي والنفسي والأقل هو الجسدي كما يصعب إثبات التحرش وهو ما يدعونا إلى تجريمه في أماكن العمل.
ويعتبر أبو نجمة أن جائحة فيروس كورونا زادت القلق النفسي لدى العمال وخاصة النساء بعد تضرر المؤسسات بسبب الإغلاقات وازدياد معدلات البطالة، وأن هذا القلق يساور أصحاب هذه المنشآت خشية إغلاقها أو تعرضهم لخسائر إضافية ما يؤدي إلى توتر العلاقة بين المسؤولين والعمال.
وتقول ميسرة أعمال مفوضية الحماية في المركز الوطني لحقوق الإنسان نهلة المومني إن المنظومة التشريعية الأردنية ما تزال غير كافية لمواجهة العنف ضد النساء خاصة ما يتعلق بالتحرش الجنسي والتمييز في الأجور والعمل لساعات طويلة والإساءات اللفظية.
وتؤكد المومني أن المشرع وإن أشار إلى هذه الممارسات ورتب عليها آثارا قانونية إلا أنها لم تحقق الردع العام والخاص وما زالت هذه الأعمال تتكرر مع العاملات، في حين أن قانون العقوبات لا يعرف التحرش الجنسي ليتم تجريمه بكافة أشكاله وصوره الأمر الذي يترك ثغرة وفراغا تشريعيا يتمكن من خلاله البعض من الإفلات من العقاب.
وتقر بأن التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وفقدان الآلاف من العمال لوظائفهم بسبب الإغلاقات وارتفاع نسب البطالة وتأثر القطاعات غير المنظمة أثرت على عمل المرأة واضطرارها للقبول بشروط عمل غير مرضية أو منصفة والتنازل عن حقوقها.
وترى المومني أن تعرض المرأة بشكل أكبر للعنف والتجاوز على حقوقها في مكان العمل يعود بشكل أساسي إلى الحاجة الاقتصادية الملحة للنساء لتأمين احتياجات أسرها وأيضا ضعف الثقافة القانونية والخوف من التظلم أو الشكوى خوفا من خسارة وظيفتها وضعف الرقابة على منشآت العمل من قبل الجهات ذات العلاقة.
وأوصى المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقرير عام 2020م بتفعيل دور اللجان المشكلة بموجب قانون العمل، وصلاحيات مفتشي العمل بالرقابة على المنشآت ورصد أوضاع العاملين فيها بصورة دورية للتحقق من مدى مراعاة إجراءات الصّحة والسلامة العامة ومدى تمتّعهم بالحقوق المقرّرة لهم قانونا.
بدوره يؤكد المرصد العمالي الأردن أن العنف ضد النساء ينتشر غالبا في المصانع الموجودة في المناطق النائية والتي تعمل فيها النساء بنسبة تزيد عن 70% ومنهن نسبة كبيرة من النساء الوافدات.
ويقول نديم عبد الصمد من المركز، إن الكثير من النساء العاملات يتعرضن لانتهاكات ومضايقات من قبل أصحاب العمل، لكن في نفس الوقت آليات الشكوى لوزارة العمل ضعيفة وإن كانت موجودة فلا يتم تدريب المفتشين على هذه القضايا إذ لا تعتبر ضمن أولويات التفتيش لدي مفتشي الوزارة.
ويقترح عبدالصمد أن يتم زيادة عدد المفتشات في وزارة العمل، إذ أن نسبة المفتشات لا تتجاوز 20% من أصل 160 مفتشا فقط وهو ما يؤشر على ارتفاع حالات العنف التي تعمل فيها النساء أكثر من غيرها، ومنها العنف الاقتصادي الذي قد تتعرض له العاملات حيث يتقاضين رواتبا أقل من الحد الأدنى ولا يتم شمولهن بالتأمين الصحي والضمان.
وجود المفتشات لمتابعة والتحقيق بالشكاوى والأمور المتعلقة بالعاملات النساء عموما، وتحديدا في حالات التحرش والاعتداءات الجنسية، بالإضافة إلى قضايا العمل الخاصة بالأحداث وبعض المواضيع الأخرى تكون سببا في تحقيق النتائج الإيجابية وحل مشكلاتهن، حيث أن النساء يملن إلى التحدث بحرية أكثر للمفتشات الإناث من الذكور، بحسبه.
ويشير إلى أن عدم توقيع الأردن على اتفاقية رقم 190 المتعلقة بالقضاء على العنف والتحرش في بيئة العمل قد يزيد من الحالات.
*أسماء مستعارة بناءً على طلب أصحابها
هذا التقرير يعبر عن رأي كاتبه وتم إعداده بدعم من صحفيون من أجل حقوق الإنسان بتمويل من مركز شمال-جنوب أوروبا