الرئيسية مقالات واراء
المراقب السياسي الجاد لما يحصل من تنوعات وتبدلات وتناقضات في المواقف العربية، يكاد أن يرمي ببوصلته السياسية بعد أن عجزت عن تفسير تفاصيل ما يجري في المطابخ الدبلوماسية من تخبيص. وأنا متأكد بان أي كاتب سياسي عالمي يأخذنا عربيا على محمل الجد سيحصل على تقاعد مبكر في «العصفورية».
إذ بالإضافة الى سياسة (دحّه) و(ككا) التي تجبرنا عليها أمريكا إلا إن الكثير من تناقضاتنا هي منا وفينا أيضا:
تقول الحكاية أن واليا عربيا يهوى الكلام باستخدام أسلوب السجع، جلس وسط كبار رجال الدولة في ولايته، وقد رغب الوالي بالحديث، فوجه كلامه إلى قاضي القضاة الذي كان اسمه لسوء حظه؛ «فقم». قال الوالي:
- أيها القاضي فقم...
ثم توقف الوالي عن الحديث لأنه لم يجد موضوعا يتحدث به لا سجعا ولا نثرا، وبعد فترة صمت نظر الى القاضي فقم وأكمل حديثه قائلا:
- أيها القاضي فقم .... قد عزلناك... فقم!!
أما فقم الأخيرة، فهي فعل أمر يعني أنه يطرده من المجلس، لأنه معزول من المنصب.
راح منصب القاضي نظرا لضرورات القافية.
وفيما ينهمك المراقبون في تفسير أسباب التغيرات الدراماتيكية في دولة ما أو ولاية ما، يكون الامر في الواقع أبسط بكثير من جميع توقعاتهم. ويا ما أكثر التغييرات والتبديلات والترميجات والتعيينات التي لم يكن لها حتى مجرد قافية .... !!
هذا هو الأمر تماما حينما لا يضطر المسؤول إلى تقديم تفسير. .... أي تفسير أو تبرير أمام المواطنين أو المجالس التي تمثلهم شكليا على الأقل... فهو قادر على فعل أي شي وكل شيء، ويمارس أفعاله هذه للتمتع بقدرته المذهلة على تحريك وتحوير وتبديل كل شيء.
وكان أن تناسل القاضي (فقم) ليصير شعوبا وقبائل تمتد من الخليج إلى المحيط، شعوب لا تملك حولا ولا قوة ... تبقى بقافية أوتذهب بلا قافية .