الرئيسية مقالات واراء
في مكان ما وفي زمان ما، وبعد انتشار الفساد والإفساد في كل مكان استوردت (دائرة النزاهة الوطنية) محاضرا عالميا مشهودا له بالقدرة على الإقناع وتعديل القناعات وكلفوه بعقد ندوات للمسؤولين ومدراء الدوائر لتعزيز النزاهة والأمانة.
درس الرجل التاريخ العربي، وعرف أن الحكاية والحكمة والتشبيهات تقنع العربي أكثر من المنطق الصوري او الرياضي أو الديالكتيكي أو أي وسائل إقناع.
في أول محاضرة له، جلس الخبير بثقة وقال:
سيداتي سادتي
سأحدثكم بقصة ثم نتحدث نفتح باب الحوار:
-تقول الحكاية بأن ثلاثة أشخاص قاموا بسرقة بيت، وحمّلوا المسروقات على ظهر حمار وجدوه مربوطا على باب البيت ورحلوا.
في الطريق اتفق اثنان من اللصوص على قتل الثالث، حتى يحصل كل منهما على حصة أكبر من الغنيمة، وقاما بقتله فعلا.
بعد أن نام اللصان في الطريق، صحا أحدهما وراودته نفسه على قتل اللص الآخر، حتى يحظى بكامل الغنيمة.... فاخرج سكينه وقتله وهو نائم .
سار اللص الثالث والأخير بالغنيمة الموضوعة على ظهر الحمار، وخلال عبوره أحد الجبال وهو سائر بجانب الحمار، انزلقت قدمه فوقع من قمة الجبل ...ومات.
بقي الحمار وحيدا.... بلا قائد، فرجع إلى البيت المسروق، وجميع المسلوبات على ظهره، وعاد الحق إلى أصحابه كاملا مكملا.
ثم أردف الخبير:
-بالتأكيد عرفتم الحكمة والهدف من هذه الحكاية، والان نفتح باب الحوار:
رفع احد الحضور يده ، ثم سأل:
- سيدي المحاضر...... كيف عرفت بتفاصيل ما حصل مع أن جميع الأشخاص ماتوا..... أكيد من الحمار؟؟؟؟
صمت المحاضر قليلا ثم كثيرا، ثم استوعب الخازوق الذي أكله، فانهار عصبيا، ونقلوه إلى مستشفى المجانين.
ويقال بأنه عاد الى بلاده مجنونا، وهو يقطن حاليا في مستشفى الأمراض العقلية هناك لا يتكلم، بل يصرخ كل يوم مرة واحدة قائلا:
- حالة ميؤوس منها .
ثم ينهق ..وينام حتى اليوم التالي .