الرئيسية مقالات واراء
قد أكون من أواخر من سمعوا صوته على الهاتف. جاء الصوت ضعيفا مرهقا، وقال بأنه سيراجع المستشفى المختص في عمان الأحد أو الاثنين. كان هذا الحديث حوالي الساعة 12 من ظهر يوم الجمعة، في مكان تجمعنا الأسبوعي. بعد أقل من 3 ساعات اتصل بي الصديق عماد حوراني-حيث نتجمّع- ليقول لي باكيا بأننا فقدنا الرجل، فقد ساءت أحواله في هذه الأثناء ونقلوه الى عمان لكنه ...
ما هي لحظات بعد سماع الخبر حتى ضج الفيس بوك بالأنين الصادر من جميع أطياف المجتمع المادبي، بلا استثناء. كان حنا القنصل رجلا استثنائيا في علاقته مع الناس جميعا، لذلك كان الحزن غمامة كبرى تنوء بثقلها علينا جميعا.
كان حنا القنصل محبوبا من الجميع لأنه كان حاضرا للجميع ومن الجميع. كان موسوعة متنقلة في تاريخ مادبا والأردن، لكنه جمع الثقافة والأدب مع التاريخ وعلم الآثار. كيف لا، وهو حفيد واحد من أهم شعراء مادبا القدامى (الشاعر سالم القنصل) وشقيق الشاعر المغترب عيسى القنصل، وابن عم المهندس خليل القنصل، المناضل والكاتب والمثقف الكبير مؤسس جمعية الفلك الأردنية، الذي فقدناه قبل سنوات، في ظروف مشابهة لوفاة عميد الكتّاب والمثقفين المادبيين، العزيز حنا القنصل.
عملت مع حنا القنصل عملا مشتركا مع الروائي جلال برجس الذي حول فكرة راودته في بناء رواية مشتركة عن مدينة مادبا، وقد حققها بشكل مشترك مع عدد من كتّاب مادبا، كنت أنا واحدا منهم، وكان حنا القنصل بوصلتنا ودليلنا، حتى تم اصدار (حكايات المقهى العتيق) عام 2019 بفيلق مكون من:»جلال برجس،علي شنينات،سليمان القبيلات،إسلام حيدر،يوسف غيشان، نوال القصار،عيسى الحميد، بلقيس عجارمة،بكر السواعدة) تحت رعاية حنا القنصل طبعا.
كنا نلتقي صباح كل يوم جمعة تقريبا في دكان صديقنا عماد، وكانت جعبة حنا القنصل مليئة دوما بالأحاديث التاريخية والذكريات الشيقة التي كانت تعطر تواجدنا على رائحة فنجان قهوة النجمة المضمخة بالمحبة.
وداعا حنا القنصل.