الرئيسية مقالات واراء
كنت أتابع مباريات منتخبنا, وأجمل ما فيها أني تعرفت على يزن النعيمات.. هذا الفتى مثل الحصان الجامح، يطوف في الملعب دون أن يكل أو يتعب...
لقد أحرز هدفا في مصر جعل «الأدرينالين» يرتفع في جسدي إلى مستويات عالية جدا.. لم أفرح يا يزن منذ وقت طويل وجئت أنت كي تصنع الفرح لي...
يزن.. لم يأت للمنتخب بواسطة, لا أحد يجرؤ أن يقول إن عشيرة النعيمات الكريمة اجتمعت, وقالت لرئيس الوزراء: (ودنا تعين محافظين اثنين ولاعب منا).. ولا أحد يجرؤ أن يقول إن يزن استعمل المال السياسي مع الاتحاد وقفز للمنتخب, ولا أظن أن احدا سيكون عاقلا إن قال إن يزن.. خلفه قوى الدفع السياسي, حتى بالهمس لا أظن أن مواطنا سيجرؤ أن يخبر اخر.. أن هذا الفتى مدعوم...
يزن أيضا ليس ليبراليا, العمر للآن لم يسعفه بأن يتورط مثلنا في قضايا الهوية والإصلاح والليبرالية والراديكالية والعشيرة والهوية.. أصلا هو لايحب هذه الاشياء كلها, ويزن لايفكر بمنافسة موسى المعايطة على موقع وزير التنمية السياسية.. ولا أظن أنه سيعاتب عبد الباسط الكباريتي على موعد مع الرئيس تم تأجيله.. هو مجرد شاب في أول العمر وأول الخطى هو مثل الندى في الصباح قرر أن يحترف كرة القدم، وأعطى للوطن بصدق.. في حين أن البعض كذب ومن ثم كذب ومن ثم أوغل في الكذب، وادعى أنه منح الوطن من دمه.
شاهدت أول أمس وأنا أتابع المباراة حبات العرق التي تنزف من وجهه الطفولي البريء, وشاهدت أيضا غضبه لأن المدرب أخرجه وهو في قمة العطاء.. وشاهدت عمره البهي الجميل, فحين ولد هذا الفتى.. كنت قد أوغلت في الصحافة عمرا.. ولم أحقق من الفرح للناس ما حققه يزن في ثانية واحدة, حين قذف الكرة وأنتج لهذا الشعب الكثير من خفقات الكبرياء.
هؤلاء هم شبابنا, هؤلاء هم الجيل.. الذي خرج للدنيا مقاتلا, ورفع اسم البلد في محفل كروي عالمي, في حين أننا أتعبنا البلد من كثرة شكوانا..
ستكبر يا بني أكثر وستنضج أكثر, وأنا أظن أننا سنراك قريبا في أحد الأندية الأوروبية.. ستكون مثل محمد صلاح وربما أهم, وحين تسجل هدفا ستجري في الملعب وترفع قميصك وتكون قد خبأت تحت القميص علم الأردن.. وستهتف لك الجماهير الأوروبية.. وستهتف لعلم بلادك وللأردن..
لقد أخرست أمس بقدمك كل من قال: إننا مجرد محطة للعبور, ووجهت رسالة لمن يقولون أن العشيرة عبء على التنمية.. وأنها من أسست الواسطة, على الأقل أنت من أنتجتك العشيرة.. فقط يتذكرون العشيرة حين يذكرون التنمية, وحين يأتي الإبداع ما أسهل النسيان لديهم..
يزن النعيمات.. وددت أن أقول لك كلمة واحدة فقط, أنت أهم من كثيرين, ومن مدراء الجغرافيا,.. لأنك الأردني دما وابداعا وقلبك.. ينبض لحنا أردنيا لا يعتريه النشاز أبدا..
سلمت وسلم الأهل الذين أنتجوك لهذا الوطن.. صقرا محلقا في فضاءات هذه الدنيا.