الرئيسية تقارير
أحداث اليوم - أثارت التعديلات التي تتجه الحكومة لإدخالها على قانون المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مخاوف العاملين في القطاعين العام والخاص، خاصة في ما يتعلق برفع سن التقاعد الوجوبي للذكور من 60 إلى 62 عاماً وللإناث من 55 الى 59 عاماً، إضافة الى تعديلات تتعلق بالتقاعد المبكر والتوجه لزيادة الأعمار وسنوات الاشتراك بحيث يرتفع إلى 55 عاماً للذكور و52 عاماً للإناث، في الوقت الذي لم تتضح الإجراءات بشأن توفير التأمين الصحي لمتقاعدي الضمان الاجتماعي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تجدد فيه الحديث عن مستقبل المؤسسة وموجوداتها المالية في ظل تعثر العديد من المشاريع الاستثمارية التي تملكها أو تساهم فيها، وكذلك وسط ارتفاع الديون المترتبة على الحكومة لصالحها وتقدر بأكثر من 8 مليارات دولار. علماً أنّ عدد الخاضعين لمظلة الضمان الاجتماعي يتجاوز 1.3 مليون مشترك من الجنسين.
وبحسب مراقبين لم تشهد التشريعات الناظمة لعمل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي استقرارا في آخر عشر سنوات بسبب كثرة التعديلات التي طرأت عليها، ما ساهم في إرباك أوضاع العاملين الخاضعين لمظلة المؤسسة، ذلك أنّ كافة التعيينات في القطاع العام منذ العام 1992 تخضع لنظام تقاعد الضمان الاجتماعي بعد إلغاء العمل بنظام التقاعد المدني.
وقال المدير العام للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة إن مشروع تعديل قانون الضمان الاجتماعي يضم ثلاثة محاور رئيسية وتشمل الحماية الاجتماعية والتحفيز والثغرات التأمينية.
وبيّن أنّ هناك العديد من الأطر التي تحكم عمل الضمان الاجتماعي تحتاج إلى مراجعة بما يتضمن سلامة الوضع المالي للمؤسسة وتمكينها من الاستمرار في عملها وتوفير الرواتب التقاعدية للمؤمن عليهم.
وأكد على ضرورة العمل على توسيع قاعدة المشتركين بالضمان الاجتماعي لتعزيز موارد المؤسسة المالية، بحيث سيتم السماح لبعض الفئات للاشتراك الاختياري بالضمان الاجتماعي خلال الفترة المقبلة، مثل أبناء قطاع غزة .
وأوضح الرحاحلة أنّ ربط الرواتب بالتضخم الذي بدأ العمل بتطبيقه منذ العام 2011 يساهم الى حد ما بالحفاظ على القوة الشرائية للمتقاعدين.
وقال إنّ هناك ثغرة تتعلق بالتقاعد المبكر وجزء كبير من المتقاعدين مبكراً خصوصاً أصحاب الرواتب التقاعدية المرتفعة الذين يعودون للعمل دون إشعار المؤسسة، وهؤلاء يزاحمون غيرهم على فرص العمل وفي الوقت ذاته يستفيدون من منافع التأمين المرتبطة بالتقاعد المبكر.
وأضاف أنّ هناك نصاً في مشروع القانون المعدل يحتوي على تغليظ العقوبات أو الغرامات على أصحاب العمل والمنشآت التي لا تبلغ المؤسسة في حال تشغيلها للمتقاعدين مبكراً، وستكون الغرامة على المنشأة 70 في المائة من مجموع الرواتب التقاعدية التي يتقاضاها العامل أثناء عمله في المنشأة والهدف معالجة الثغرات الموجودة ودعم الاستدامة المالية للمؤسسة.
وقال إنّ قانون الضمان الاجتماعي لا يمنع المتقاعد مبكرا من العودة للعمل لكن هناك شروطا وقواعد للجمع بين الراتب التقاعدي وراتب العمل.
وكشف أنّ الوضع المالي للمؤسسة مستقر ومطمئن في الفترة الحالية وخلال السنوات المقبلة في ظل وجود فوائد مالية سنوية بحدود 700 مليون دولار، وامتلاك موجودات تتجاوز 17 مليار دولار.
من جهته، قال رئيس المرصد العمالي (مؤسسة مجتمع مدني) أحمد عوض إنّ هنالك حالة من القلق عادت لتنتاب المشتركين في الضمان الاجتماعي من خلال بدء العمل على تعديلات جديدة في قانون الضمان الاجتماعي خصوصاً ما يتعلق برفع سن التقاعد الإجباري والتقاعد المبكر، مشيرا إلى أنّه تم رفع سن التقاعد عدة مرات في السنوات الأخيرة لكلا الجنسين وفق العربي الجديد .
وأضاف أنّ المؤسسة التي تعتبر الملاذ الآمن لملايين العاملين في الحكومة والقطاع الخاص تحتاج إلى إجراء دراسة اكتوارية شاملة ولأطول فترة ممكنة بحيث تؤدي الى استقرار تشريعي والتوقف عن التعديلات المتكررة على قانون الضمان الاجتماعي.
وأشار الى أهمية تحسين أوضاع الرواتب التقاعدية في ضوء ارتفاع الأسعار والتضخم "حيث لم تعد الرواتب توفر الحماية الاجتماعية اللازمة من الغلاء، فقد تراجعت القدرات الشرائية بشكل كبير في السنوات الأخيرة مع توقع أن تشهد مزيداً من التراجع خلال السنوات المقبلة بسبب الظروف الراهنة وتداعيات جائحة كورونا".
بدوره، شرح الخبير الاقتصادي منير حمارنة أنّ اتجاه الحكومة للاقتراض من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أثر كثيراً في وضعها المالي من حيث تأثر موجوداتها النقدية وكذلك حاجة المؤسسة لتعزيز الجانب الاستثماري في ظلّ استثمارات متعثرة وارتفاع النفقات التقاعدية والبرامج الأخرى التي تقدمها.
وأضاف أنّ المؤسسة نفذت العديد من برامج الدعم المالي خلال العامين الماضيين لمتعطلين عن العمل وكذلك لتخفيف الأعباء عن كاهل شرائح تأثرت بجائحة كورونا، وإن كانت هذه الإجراءات مهمة إلّا أنّها تشكل استنزافاً كبيراً لموارد وموجودات المؤسسة المالية.