الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - احمد ابو جعفر - تفاجئك بتقديم تعديلات دستورية ثم تقدمها للسلطة التشريعية من تحت الطاولة، دون أن تشاور أحدا أو أن تجس النبض ولو قليلا من زاوية رفع العتب، أو تجري استطلاعا تتلاعب بنتائجه حول هذه التعديلات، نقبل بذلك.
ثم المفاجأة بتقديم هذه التعديلاتـ تزامنا مع تقديم مخرجات اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية، إلى مجلس النواب في نفس الوقت، فوقع المجلس في "فخ الإرباك".
فاختلط مشروع الحكومة مع مخرجات "لجنة سمير الرفاعي" فالتبس الأمر علينا وتشابه، فدخل الجميع في فوضى التصريحات، ثم أنك لا تعرف كيف حدث اللبس والتشابه والتداخل في التفاصيل، بحيث بدت، لمن ينظر إلى المشهد من بعيد، أن المشكلة هي فقط في "الأردنيات" و"مجلس الأمن القومي" الذي هو موجود أصلا منذ سنوات طويلة وبرئاسة الملك لكن دون إدخاله في نص مخصص بالدستور.
ثم تفاجئك الحكومة بأنها ستكمل المشاريع المتعثرة مثل أبراج السادس، وفي الوقت الذي تعاني فيه ميزانيتها من ثقوب تفوق أعداد الثقوب السوداء في الكون، ونسب البطالة في ارتفاع دون خطة واضحة لخفضها، وديون خارجية تستهلك الموازنة، تعلن عن المدينة الإدارية الجديدة، التي لا تعرف كيف ستمول!
طبعا من يعرف مكان هذه المدينة الجديدة يعدون على أصابع اليد، وسيخرج مسؤول ليقول لك أنها ستقام على أرض تملكها الدولة، ماذا عن الأراضي المحيطة بها، من يملكها؟ غالبا تقع المدينة الجديدة جنوب عمان في موقع تربط بسهولة بين السعودية والعراق والأردن، وستكون معزولة عن عمان ولن تكون ضاحية ملحقة بعمان.
وإذا كان الباص السريع، واضح المعالم، احتاج إلى كل هذه السنوات كم ستحتاج هذه المدينة الجديدة التي ستكون على أرض مساحتها (40 كم مربع) ؟ التقديرات تقول إن الأمر يحتاج إلى 20- 25 سنة تقريبا.!
بالمناسبة مثل هذه المشاريع الكبرى فخ كبير وستكون عامل استنزاف للموارد، ويمكن استبدالها بعملية أقل كلفة وهي إعادة تحديث البنية التحتية بالكامل، الطريق الصحراوي مثلا، وتجميع الوزارات والمؤسسات التي يتشابها عملها في مكان واحد، مثلا مؤسسات التعليم في مكان، والخدمات المالية في مكان، الزراعة في مكان واحد.
هل الإعلان عن المدينة الإدارية الجديدة في هذا الوقت هو جزء من المفاجئات وفوضى المواقف التي تداخل فيها، الوطني والقومي والإسلامي واليساري والنسوي والعشائري والمحافظ والليبرالي في مشهد واحد، وهي جميعها لا تلتقي على قلب رجل واحد، فكل طرف يدافع عن الجزئية والتفاصيل التي تخصه فقط، لكنهم جميع باتوا تفاصيل في مشهد واحد.
كيف!، أي عبقري هو الذي رسم هذه الصورة السريالية التي أعجزت سلفادور دالي نفسه.!