الرئيسية أحداث فنية
أحداث اليوم - علي عبيدات - عاد المطرب بهاء سلطان إلى ساحة الغناء بعد احتكار بشّع يمارسه رأي المال الفني وجهلاء الفن من أصحاب المطاعم، هذا فنان شعبي بالمعنى الحرفي للكلمة، والقصة ليست هنا، بهاء سلطان عم جيلي كله، أنا رجلٌ يسمع الطقطوقة وأحبُّ التأريخ الفني، أحبُ الأدوار والنمط الثقيل في الأغنية، وأحبُّ بهاء سلطان كما أحبُّ سيد درويش والبنا وزكريا وكامل وطِلِب وطه وكارم والكحلاوي وفوزي وعزب والعملاق رشدي حتى عدويَّة والأسمر وحموده. شابان في مصر يليق بهما الغناء الشعبي، بهاء سلطان وحكيم. وعاد بهاء!
ثمّة بحة في علو صوت بهاء سلطان، طاقة صوتية عبقرية صنعتها البيئة، صوت بهاء صوت أكاديمي يلبسُ ملايّة لّف، تخيل العباءة المصرية حين تتحدث عن نفسها، ربما هي عباءة أمُ تِرتِر، التي فيها قول مشهور في مصر :" ده عند أم ترتر"، ومعناه المستحيل، أم ترتر وليّة عايقه وشها مكشوف وتحبُّ أن تتشخلع في المشي وفوق بيتها عِشّة دجاج وحمام، وكالعادة يأتي حمام غريب إلى عشة أي صاحب حمام ويعيده لصاحبه، إلا أم ترتر، من دخل عشتها لا يخرج، فأصبحت شيئًا من المستحيلات "الأربعة"، ترتر عباءتها هو صوت بهاء سلطان الخاص.
غنى بهاء بقوة كبيرة، قال "يا ترى يا حبيبي! إنته فين يا حبيبي!؟" كنّا نتعلّم الحب حينها ونتساءل معه، ولأنه شعبيٌّ جدًا، قال في أغنية "عشان أصالحك وأرضى عليك حاجات كتير لازم تعملها... قوم أوقف وانته بتكلمني" لقد خاطب سخونة الشباب فينا وغضبهم الدائم. وبعد تفشي القنوات الإعلامية اكتشفنا خجل بهاء سلطان الشديد، خجلٌ مصري مليء بـ "حضرتك، بعد ازنك، لا واللهي مش قصدي، بعتزر، من فضلك، يا افندم".
تعال أدلعك، عاد بهاء بهذه الأغنية وقلب الدنيا، قلب الطاولة على أصوات كثيرة بلا تربية، بيكو وشطا وشاكوش ومفّك وغيرهم، عودة بهاء تشبهُ عودة محمد عبد الوهاب حين سجل الأغنية الأخيرة "من غير ليه" وطرحها في السوق عام 1989 نفس العام الذي كان فيه علي حميدة يكتسح السوق بـ "لولاكي" وعمرو دياب يكتسح عالم الكاسيت بـ "ميال ميال" فقال لهم محمد عبد الوهاب "هُص"، واكتسح السوق كله.
أهلًا بهاء سلطان، شكرًا لأنك دلعتنا بعودة لذيذة في زمننا المعقد المريض:" طالعة في دماغي نروق شوية، اعدي عليك وتنزلي"