الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - كتب - محمد أبو عريضة
لم يكن "بوتين" ولا "زيلينسكي" يتوقعان ما حدث من استقطابات حادة بين قطبين في الأردن، أحدهما يؤيد الخال "بوتين" في روسيا، والآخر يؤيد ابن عم الخال الأول في أوكرانيا؛ الخال الثاني "زيلينسكي"، فما حدث يقع في باب "الضرب في الرمل" لدى العرب أو في باب خيال "العم سام" بأفلام الخيال العلمي في "هوليود".
قرأت خلال الأسبوعين الماضيين على صفحات "الفيسبوك"، وسمعت منذ بدء الحرب في أوكرانيا عن سجالات حادة بين فريقين أردنيين، كانا إلى ما قبل ذلك رفيقين حميمين، تتمحور حول من مع ومن ضد الهجوم "الاستباقي" الروسي على أوكرانيا.
ساق كل طرف من الطرفين حججه، وبعيدًا عن قناعاتي الشخصية، ووجه نظري تجاه ما يجري، التي تتمحور حول أن الولايات المتحدة الأمريكية حولت أوكرانيا إلى "حصان طروادة" الأخير، لتفكيك الاتحاد الروسي، كما فعلت مع الاتحاد السوفيتي قبل أكثر من ثلاثين عامًا.
من يريد الاستزادة بشأن الخطط الأمريكية تجاه روسيا "البلد الأكبر مساحة في العالم – 1/8 من مساحة اليابسة – والأكثر احتواءًا من المصادر الطبيعية، يمكنه العودة إلى كتاب أبرز مفكر استرتيجي غربي في الخمسين عامًا الماضية "زبيغنيو بريجنسكي" – رقعة الشطرنج - ، الذي وصف أوكرانيا القوية والمستقرة؛ بأنها ثقل موازن حاسم لروسيا، وينبغي أن تكون محور اهتمام وتركيز الإستراتيجية الأميركية بعد انتهاء الحرب الباردة، وإذا سيطرت روسيا على أوكرانيا، فيمكن لها أن تعيد بناء إمبراطوريتها من جديد، لذا ينبغي سيطرة أمريكا على أوكرانيا، وتحويلها إلى منطقة "رخوة" في الخاصرة الروسية"، والعمل على تفكيك الاتحاد الروسي في إطار الهيمنة على "أوراسيا" -قلب العالم النابض في القرن الحادي والعشرين-، والبديل الموضوعي للشرق الأوسط في الأهمية الاستراتيجية للسياسة الأمريكية.
أقول: بعيدًا عن وجهة نظري هذه، فإنني أتساءل عن القناعات السياسية، والإيديولوجيات الراسخة في أذهان هؤلاء أو أولئك، وهما يؤيدان ساعة روسيا، لأن زوجاتهم روسيات، أو أولئك، الذين أوين يؤيدون أوكرانيا، لأن زوجاتهم من الاوكران.
الغريب في الأمر أن هؤلاء وأولئك كانوا إلى ما قبل أسبوعين رفاق يدافع الواحد منهما عن الآخر حتى آخر قطرة دمع، وإذ بهذه الرفقة تسقط على وقع حرب، يحكم موقفهم تجاهها إن كان الواحد منهم نسيبًا للروسي "بوتين" أو للأوكراني "زيلينسكي"، والباقي تفاصيل.