الرئيسية مقالات واراء
أظهرت الأزمة الطاحنة التي يعيشها العالم اليوم، أنه من غير الممكن للحكومة الأردنية الاستمرار في اعتماد سياسة الاستهلاك والبذخ والفساد، وترك لصوص المال العام يعيثون فساداً في البلد، ولم يعد مقبولاً استمرار سياسة الاعتماد على المساعدات الخارجية، المنح والقروض، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، ولم يعد مقبولاً الاعتماد على سياسة استيراد الغذاء والسلع الأساسية لتأمين لقمة عيش المواطن الأردني، ولم يعد مقبولاً الخنوع التام لإملاءات الخارج، صندوق النقد والبنك الدوليين، ولم يعد مقبولاً الاستمرار في نهج قاد الدولة والمجتمع إلى هذه الحالة الكارثية، الإنهيار أو الفناء.
أصبح واضحاً للجميع أن خيار الاعتماد على الذات، هو شرط البقاء، ولم يعد مقبولاً أن يبقى هذا الخيار خاضعاَ للمماحكة والمناكفة، بين مراكز قوى ونخب تابعة في البلد، تعتاش على فتات مركز رأسمال العالمي، الذي يستحلب ثرواتنا ومقدراتنا، ويرمي الفتات إلى قوى تابعة له محليًا، تعمل على سوق مبررات وأضاليل وأكاذيب، لضمان إستمرار نهج وضع الدولة والمجتمع أمام مصير مظلم، الإنهيار أو الفناء، إذا لم يكن الغد فبعد غدٍ، لا محالة، حياة أو موت، بقاء الدولة أو فنائها.
ولم يعد مقبولاً ترك هذا القرار بيد مجموعة مهيمنة في السلطة وفي السوق وفي صفوف بعض النخب، على الاطلاق، وإلقاء تبعات ذلك على عاتق شرائح الفقراء المطحونين، وهي الشرائح والمنتجة، التي تقع اليوم عليها مسؤولية إنقاذ البلاد من الإنهيار والمجتمع من الدمار.
معطيات وحقائق مستخلصة من الأزمة القائمة، والتنبيه إلى بوادر تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي وخاصة على دول ومجتمعات دول المحيط المستهلكة التابعة:
· يبدو أن هذه الأزمة ستمتد لسنوات قادمة، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية ستتعمق مع مرور الزمن؛ ارتفاع أسعار بسبب الأزمة وبسبب استغلال القوى المضاربة والمحتكرة لجني أرباح خيالية، وتنامي حالة كساد مترافقة مع تضخم، تؤدي إلى افقار مروحة جديدة من شرائح وفئات اجتماعية، كانت إلى حد قريب، تعتقد أنها بمنأى عن وحش الفقر.
· هذه الأزمة ستكون تداعياتها كارثية على دول المحيط التابعة، والأردن في قلب هذه العاصفة.
· الإعتماد على الذات، هي الطريق الوحيدة للخروج بسلام من تداعيات أزمة غير مسبوقة، بالنسبة لدول المحيط التابعة، الأردن في قلبها، كون الأزمة القائمة نتاج حرب تناقض تناحري طويلة الأمد، بين منظومتين ضخمتين ممتدتين: الرأسمالية المضاربة والرأسمالية المنتجة، بين منظومة رأسمالية مضاربة متعالية على التاريخ تتصرف بغطرسة غير مسبوقة، تعاقب من تشاء ومتى تشاء بلا رحمة، وفي الوقت ذاته مصابة بجنون العظمة، مقابل منظومة رأسمالية منتجة مصممة على المقاومة وجهزت نفسها لهذا اليوم.
· هل شروط وعناصر الإعتماد على الذات متوفرة في الواقع الأردني، الجواب؛ بالتأكيد نعم كبيرة، سنناقشه السبت المقبل.