الرئيسية مقالات واراء
أستطيعُ أن أرى وأسمع محتوى عماد فراجين في بعض كراجات المدينة الصناعية، هناك ألفاظ سوقية وذوق معدوم واهتمامات متشابهة، مثلًا لو بحثنا في صورة المرأة في أعمال عماد فراجين سنجد نموذجين، الأول الأنثى التي يحاول الشباب التقرب منها (تزبيطها)، وهذا دور يهين أي امرأة تود العمل معه، ربما لهذا يختار نساء العمل من الطبقة العاشرة، وهذا لا يختلف عن الميكانيكي حندوش الذي يصف لك صبيةً تعرف عليها مؤخرًا في مجمع باصات الزرقاء. نفس اللغة. النموذج الثاني امرأة تتم إهانتها وتسفيهها بشكل مباشر حتى لو كانت أم الشخصية.
أستطيعُ أن أستذكر محتوى مسلسل قرية خارج التغطية (مسلسل مسيء ومبتذل بكل المقاييس) في طرف قرية عام 1920، بفرق بسيط جدًا، أن القرية قبل مئة سنة لم تكن لهجتها مبتذلة ولم يكن شبابها حمقى بهذه الطريقة رغم الأمية المتفشية، إنهم يحاولون القول:" إحنا جماعة بنخزي" وبطبيعة الحال نقول لهم" فشرتم"، أستطيع أن أرى محتوى هذا المسلسل في منشورات فكاهية بصفحة اسمها للي قالتها ليلى أو نكت تحشيش أو أي منصة تقدم نفسها على أنها منصة خرافية. المبدع يعكس بيئته وهذه البيئة الشاذة الرديئة لا بدّ أنها بيئة المبدعين.
أستطيع أن أسمع محتوى مسلسل المشراف (عمل مُسِف في النص والإنتاج والأداء والإخراج) من أي امرأة في السبعين من عمرها وهي تصف لي الدواج وحليب البادية وقمح الفلاحين وابن أخيها العسكري الذي كان يأخذ راتبًا 8 نيرات، هذا كله نعرفه وعشناه ونفخر به لكنهم قدموه لنا بمباشرة فجة ونص ممجوج وأداء لا يرقى لفيلم أعده طالب كلية فنون كمشروع تخرج، وأعتبرهُ عملًا كوميديًا.
أستطيع أن أسمع محتوى مسلسل جلطة (عمل ضئيل بلا نص وإخراج وأداء) من أي حارس عمارة صعيدي يجيد تقليد لهجة عمان وقضاء رام الله وإربد والبلقاء ومخيم شلنر (متخيل هاي لهجات عمل واحد!!) وينقل لنا هموم طالبة في الجامعة وطالب خفيف الظل يعمل طاهيًا وشاب يبحث عن عمل ورب أسرة متقاعد وأم (بصراحة الأم بهذا العمل مش عارف مالها!) لا شيء يؤلم في هذا العمل إلا وجود قلعة فنية نحبها اسمها زهير النوباني وفنانة رصينة اسمها أمل الدباس.
أستطيعُ أن أرى وأسمع محتوى يزن النوباني من خلال أي ولدٍ في العائلة يجيد تقليد خالاته وعماته ويضفي على السهرات العائلية جوًا من المرح بخفة ظله، لكن لا يمكن لهذا الولد أن يكون في موقع تصوير وحوله كاميرات ثم نُعممه على مجتمع كامل. مثله صبيان الإعلام الجدد الغارقين في بداوة مجتمع لم يبق فيه ناقة واحدة ولم يكن بدويًا يومًا (10 قبايل بدو بكل تاريخ الأردن)، وهؤلاء سأكتب عنهم واحدًا واحدًا بالأسماء كالعادة.
اعملوا أرجوكم، نريد دراما وفنون وإعلام، لكن احترمونا بإبداعكم، أريدُ صورة الأم في الدراما الأردنية، أريدُ مهابة الأب في الفن الأردني أريد هموم الشباب وبلاغة انسجام الإنسان بالمكان. نريد هذا فقط كما تفعل كل الأمم. قليلًا من الإبداع أرجوكم.