الرئيسية مقالات واراء
يعتقد البعض ان أزمة الدراما في الاردن هي نتاج ظروف ما بعد ازمة الخليج بداية التسعنيات من القرن الماضي، التي اوصلتنا الى ان نكون شيئًا لا يذكر ضمن خارطة الدراما العربية، حتى غدا المتفرج والفنان، على حد سواء، مقتنعين بهذا الطرح؛ لكن إن تعمقنا اكثر في دراسة تاريخ المشهد الدرامي في الاردن نجد ان الازمة تعود الى بدايات الاشتغال بالدراما نهايات الستينيات. كما غاب عن اذهننا ونحن نعرض تبريراتنا، اذ نقول أن مسلسلات دريد لحام وفرقته انطلقت من الأردن، ولا نفسر بأنها انطلقت من المكان، وليس من خضم العملية الفنية الأردنية، بمعنى أن الكاتب والمخرج والممثلين لم يكونوا أردنيين، ونقول كانت مساحة الدراما الاردنية على الشاشات العربية كبيرة.
تلى ذلك انتاجات اردنية بممثلين ومخرجين اردنيين الا انها معتمده على نصوص لم تلامس نبض الشارع واحتياجات المجتمع الاردني الجديد، مما اربك الفنان الأردني، كاتبًا ومخرجًا وممثلًا، في تشكيل هوية محلية للدراما من جهة، وطرح قضايا تخص المكان والزمان الأردني من جهة اخرى، وقد وضع الفنان على نفسه قيدا احتكم به الى المُنتج الاول، فلم يشارك على الاقل في تعزيز المطلب الاجتماعي للديمقراطية ولا بالمطالبة بتحسين البنى الاجتماعية والاقتصادية او غيرها من هموم الشارع، حتى انه لم يحمل مقولة الشعب الدولة او مقولة الدولة الشعب، وكأنه معزولًا عن متطلبات المجتمع على الصعيدين المعرفي/ الذهني؛ ولسوء فهمنا للدراما، وجد الفنان والكاتب نفسيهما محكومين للمسلسل البدوي او الريفي، الذي لا يلزمه سوى حكاية بسيطة، وانتاج فقير ونجحت الفكرة، خاصة أنه لم يكن هناك مقارنات مع أعمال مجاورة أخرى في ظل الاحتكام الى متطلبات السوق في تلك الفترة واستمرار استقبال المحطات الى كل صنوف الاعمال. ثم لم يستطع الفنان مرة اخرى أن يدرك لفترة وجيزة، التطور والقفزة النوعية التي طرأت على الفن الدرامي التلفزيوني في العالم العربي، رغم عودة عدد من ألاكاديميين من الدراسة، والتطور التكنولوجي، الذي نقل إلينا خبرات العالم، وهرب من التجربة مرة اخرى، لأنه كان يحتاج إلى رأس مال مغامر للتجريب وخوض غمارالانتاج الدرامي الحقيقي، وعاد مرة اخرى للمسلسل البدوي الذي هو أشبه ما يكون بالملاذ الوحيد .
الى ان وصلنا للقول إن من المستحيل الخروج من هذا المأزق، وإن الزمن قد تجاوز قدراتنا أو أننا قد تخلفنا لدرجة بانه بات من المستحيل اللحاق بركب التطور الدرامي الذي يقدمة الاخرون.
فاصبح هناك قطاعات واسعة، لم تعد تثق بما نقدم، بل لم تعد تستحسن المخرجات من أعمالنا الدرامية التلفزيونية، رغم بعض المحاولات الخجولة والبسيطة ما زال البعض يتغنى ببدايات الصناعة الدرامية، التي كان لنا فيها حصة أكثر بكثير من الدول العربية، ثم غاب عن أذهاننا مرة اخرى أن الجميع في تلك المرحلة كان يتهجأ هذه الصناعة، ولم نكن طليعيين بل كنا مثلهم نتلمس الطريق، وتفوقنا، مؤقتًا، لأننا ملكنا محطة تلفزيونية وأستوديوهات قبل غيرنا. اما ما آلت إليه الأمور، كنتيجة نعيشها الآن ان الحل ليس بضربة ساحر. فصناعة الدراما تسوء يوما بعد يوم، بالرغم من أن هناك كلّيتان لتدريس التمثيل والإخراج رفدت الحركة الدرامية بمجموعة من الاضاءات والقدرات المتميزة ولم يتسنا لها تشكيل حالة للتغير.