الرئيسية مقالات واراء
هيثم احمد الخصاونة
يواجه الأغلبية الساحقة من المتقاعدين المدنيين عددًا من المشكلات، أبرزها تدني رواتبهم التقاعدية وعدم مواكبتها لمعدلات التضخم السنوي التي تتضح عندما تتسع الفجوة بين مستويات المعيشة وبين رواتبهم التقاعدية، نتيجة للارتفاع المتواصل في معدلات التضخم سنة بعد أخرى بشكل تراكمي دون أن يحصلوا على زيادات سنوية توازي معدلات التضخم السنوية.
يستثنى من ذلك متقاعدي الضمان الاجتماعي الذين منحتهم المؤسسة قبل أيام زيادة سنوية في حدها الأعلى 4.6 دينار وهو مبلغ زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع، لكنها سُنَّة حميدة نتمنى على الحكومة ان تحذو حذوها فيما يخص باقي المتقاعدين وخاصة المتقاعدين الخاضعين لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959 وتعديلاته.
ما يقلق المتقاعدين المدنيين وجود فجوة واسعه بين رواتبهم التقاعدية وبين رواتب أمثالهم من الخاضعين لقانون الضمان الاجتماعي. تتضح هذه الفجوة عند المقارنة بينهما، وعندما تجد أن الراتب التقاعدي للموظف الخاضع لقانون التقاعد المدني يقل عن الراتب التقاعدي للموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي بمئات الدنانير في الكثير من الحالات، على الرغم من أن كليهما يشغل نفس الوظيفة ونفس الدرجة، وكان يتقاضى كل منهما نفس الراتب قبل إحالتهم على التقاعد.
السبب هو أن احتساب الراتب التقاعدي للموظف الخاضع لقانون التقاعد المدني يتم على أساس الراتب الشهري الأخير الذي يساوي الراتب الأساسي مضافا إليه ربعه، في حين نجد أن الراتب التقاعدي للموظف الخاضع لقانون الضمان الاجتماعي يحتسب على أساس الراتب الإجمالي، الذي يشمل الراتب الأساسي والعلاوات بكافة أشكالها، مضافا إليه بدل التنقلات والحوافز والمكافآت والذي قد يصل لدى بعض الموظفين إلى أكثر من 1500 دينارًا، وقد يبلغ أكثر من ذلك بكثير بالنسبة لبعض موظفي العقود الشاملة أو عقود شراء الخدمات.
لو أخذنا مثال:- موظف خاضع لقانون التقاعد المدني أحيل للتقاعد بأدنى مربوط الدرجة الخاصة (باعتبارها أعلى درجة في الفئة الأولى) وبلغت خدمته الخاضعة للتقاعد 30 سنة وبلغ آخر راتب أساسي مضافا إليه ربعه 531.25 دينار وآخر راتب إجمالي شامل العلاوات والمكافآت والحوافز تقاضاه حوالي 1200 دينار.
يحتسب الراتب التقاعدي للموظف الخاضع لقانون التقاعد المدني بضرب (الراتب الأساسي مضافا إليه ربعه) في عدد الشهور الخاضعة للتقاعد ويقسم الناتج على 360 ومن ثم يضاف إلى الناتج علاوات غلاء المعيشة التي تبلغ بحدها الأقصى حوالي 196.5 دينار ليصبح الراتب التقاعدي لهذا الموظف حوالي 728 دينار تقريبا أو 698 دينار بعد خصم 30 دينار بدل تأمين صحي .
لكن لو كان هذا الموظف خاضعا لقانون الضمان الاجتماعي واحيل للتقاعد لبلوغه السن القانوني وبلغ متوسط راتبه الإجمالي خلال آخر 60 شهر حوالي 1200 دينار، فإن راتبه التقاعدي سيبلغ 1090 دينار أو 1060 دينار بعد خصم 30 دينار بدل تأمين صحي، أي أن الفرق بين الراتبين سيكون حوالي 362 دينار شهريا.
أما بخصوص راتب الاعتلال الذي يخصص للموظف الخاضع لقانون التقاعد المدني فقط، فإن أعلى راتب اعتلال قد يحصل عليه هذا الموظف إذا حصل على نسبة عجز جسيم أو عجز كلي من اللجان الطبية المختصة في وزارة الصحة فعند تطبيق الفقرة "ب" من المادة 27 من قانون التقاعد المدني يبلغ راتب الاعتلال الذي يخصص له حوالي 106.25 دنانير أي ما يعادل 20٪ من آخر راتب شهري تقاضاه عند إحالته إلى التقاعد عندها يتقلص الفارق بين الراتبين إلى حوالي 255 دينار.
ولا بد من التأكيد على أهمية إعادة النظر في الفقرة "ب" التي أضيفت للمادة 27 من قانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959 في التعديل الذي أدخل على هذا القانون عام 2018 لأن هذا الفقرة عطلت فعلياً البنود 3 و4 الواردة في الفقرة "أ" من نفس المادة 27 وبشكل تام، على الرغم من أن هذا التعديل كان مطلباً شعبياً يهدف للحد من حصول فئة من الوزراء ومن في حكمهم على رواتب اعتلال مرتفعة جداً قد لا يستحقونها فقد حددت الفقرة "ب" أعلاه سقفًا أعلى لِراتب الاعتلال الشهري مقداره 500 دينار، لكنها في نفس الوقت حرمت الموظفين العاديين من جزء لا بأس به من راتب الاعتلال عندما اشترطت ان لا يتجاوز هذا الراتب عن ما يعادل 20 ٪ من راتبه الشهري الأخير (الأساسي مضافا إليه ربعه) عند إحالته إلى التقاعد.
الفئة التي تضررت من هذا التعديل هي الموظفون من الفئات العليا والأولى والثانية ممن يحصلون على نسب عجز جسيم أو عجز كلي من اللجان الطبية المختصة في وزارة الصحة، كما نلاحظ أن البنود 3 و 4 من الفقرة "أ" من المادة 27 حددت راتب الاعتلال بما يعادل 60/15 من الراتب الشهري ا…