الرئيسية مقالات واراء
مهدي حنا
يجري تداول مصطلح الذكاء الصناعي بقوة عندما يتعلق الأمر بالهيمنة على العلوم. إذ يشكّل الذكاء الصناعي ركناً أساسياً لعلوم المستقبل المعتمدة عليه. ونحن هنا نتحدث عن تقنيات متطورة تسخرها الرأسمالية باستخدام تقنيات الجيل الخامس للاتصالات 5G وانترنت الأشياء IoT للحد من استخدام البشر في العمل.
الصراع الرأسمالي العالمي يتمحور حول زيادة الانتاج والأرباح وخلق قوة شرائية في كافة دول العالم عن طريق فتح الأسواق للتداول الحر للبضائع والخدمات المختلفة، واستخدام تقنيات الذكاء الصناعي اللا محدود لتخفيض تكاليف الانتاج عبر الاستغناء عن الجزء الأكبر من العمالة، وبالتالي تقليص العديد من النفقات التي تتعلق بالأجور والتأمينات والحوافز ومكافآت نهاية الخدمة وغيرها. هذه الخطوة ستكون مقدمة للاستغناء عن البشر تدريجياً، بخاصة في الوظائف الخدماتية لصالح الروبوتات المتطورة وتقنيات الذكاء الصناعي، فهذه قادرة على تلبية تلك الخدمات بسهولة ويسر وبشكل أكثر تقنية من البشر، لإن هذه الأجهزة والخدمات التي تقوم مقام البشر قادرة على العمل بشكل مستمر وعلى مدار الساعة، ولا تتطلب أي مما يتطلبه البشر في أمورهم الحياتية من حقوق وواجبات. فهي بالتالي عبيد الكترونية مهمتها العمل فقط وجني الأرباح ومراكمتها لمصلحة أصحاب رؤوس الأموال. ولذلك فإن الصراع العالمي الآن يتمحور حول من يستطيع أن يهيمن على تلك العلوم، ليكون قادراً على التحكم في الحياة البشرية على وجه الكوكب.
من هنا برز الصراع الصيني – الأمريكي والتنافس الشديد للتحكم في الاقتصاد العالمي، خاصة وأن الصين ما زالت متقدمة بمراحل فيما يخص الذكاء الصناعي، واقتصادها في صعود مستمر وفي طريقه لتجاوز الولايات المتحدة ليتبوء المركز الأول عالمياً، الأمر الذي يجعل أمريكا في حالة تأهب وعدوانية مفرطة يفرضها واقعها الأمبريالي. والآن يأتي الاتحاد الروسي ليفرض نفسه بقوة إلى جانب الصين على الساحة العالمية، كمنافس وند قوي مقابل الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعديد من العلوم المتعلقة بالذكاء الصناعي وعلوم الفضاء والسلاح وغيرها.
قوة الولايات المتحدة في هيمنتها على العالم تتجلى بقوتها العسكرية وقواعدها المنتشرة في بقاع الارض، التي تتجاوز ثمانمائة قاعدة. بالإضافة إلى تحكمها بهئة الأمم المتحدة، فهي تسعى من خلالها لبسط نفوذها وسطوتها على كافة دول العالم، بمساعدة شريكها الأوروبي، الذي أصبح بدوره تابعاً للسياسات الأمريكية. ولكن شكل الصراع الرأسمالي بدأ في التحول نحو أنماط أخرى غير تقليدية، تفرض واقعاً مغايراً للقوة العسكرية. كالصراع في التحكم بمصادر الطاقة الإحفورية والطاقة البديلة وتقنيات الذكاء الصناعي، ما سيؤدي إلى تغير نوعي في العلاقات والاصطفافات الدولية في عالم متعدد الأقطاب والإتجاهات.