الرئيسية مقالات واراء
في الثالث والعشرون من هذا الشهر حلت الذكرى السبعون على ثورة يوليو، حين تمكن مجموعة من الضباط الأحرار في مصر وعلى رأسهم جمال عبدالناصر من تولي زمام الأمور والاستئثار بالسلطة في الانقلاب العسكري الذي سُمّي بالثورة فيما بعد. كان لهذه الثورة بريقها الخاص في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حينما لعبت مصر ولعب الرئيس عبدالناصر دوراً مهمًا في مقاومة السياسات الكولونيالية للاستعمارين الإنجليزي والفرنسي، وفي مقاومة سياسات الأحلاف الدولية التي أرادت الدول الغربية إشراك الدول العربية فيها خلال فترة الحرب الباردة.
ساهمت حكومة مصر بقيادة عبدالناصر بتوجيه طاقات النضال للشعوب العربية ضد الاستعمار، ودعمت الكثير من الحركات الثورية في حروبها ضد الاستعمار من الثورة الجزائرية والفلسطينية وغيرهما. كما ساهم عبدالناصر في مؤتمر باندونج عام 1955، الذي تمخض عنه تأسيس منظمة عدم الانحياز مع تيتو ونهرو ليكون طريقًا ثالثًا في العلاقات الدولية. فشكلت حركة عدم الانحياز ثقلًا دوليًا مهمًا أنذاك.
فرضت طبيعة الظروف الدولية والأحداث، في ذلك الوقت، اشتراطات دولية تمخض عنه اصطفافات، في ظل وجود قطبين دوليين في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كما فرضت دول عدم الانحياز لها كيانًا أشبه بقطب آخر على الساحة الدولية.
ما أشبه اليوم بالأمس، نحن اليوم أمام ظروف دوليه تفرض فيها المستجدات السياسية واقعًا متغيرًا يشي بتغير الخارطة الجيوسياسية، ما سينهي التفرد الأمريكي كقطبية واحدة وستفرض عالم متعدد الأقطاب برزت من خلاله دول، كانت تعتبر من المحيط الرأسمالي لتشكل مركز استقطاب هام كالصين مثلًا، بثقلها الاقتصادي وصعودها الصاروخي نحو القمة، وبعلاقاتها وموقعها الجغرافي وخططها الطموحة، ولا سيما طريق الحرير الذي ستفرض من خلاله ثقلها على الساحة الدولية. كما تلعب دول البريكس مع إمكانية توسيع عضويتها لما يسمى بالبريكس بلس لتشمل دولًا أخرى مهمة وغنية تتمتع بموارد وطاقات هامة للاقتصاد الدولي أو ذات موقع استراتيجي مهم.
مصر من الدول المرشحة لتكون ضمن البريكس بلس. فهي ذات موقع استراتيجي مهمعلى البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، ولطالما كانت من الدول التي تنازعت عليها الاستعمارات المختلفة عبر التاريخ. فواقعها وموقعها الجغرافي له أهميته الخاصة، وهي قلب العالم العربي النابض، ولذلك تتصارع الدول الغربية لاستقطابها.
سبعون عامًا مرت على الثورة التي أسست لمصر الحديثة. على الرغم من اختلاف السياسات وتقلبها إلا أنها فرضت فيها ثقلها السياسي كقوة على العالم العربي والعالم الغربي. فأين ستكون مصر في الاستقطابات الدولية الجديدة؟ هذا ما سنراه في قادم الأيام.