الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
محمد ابوعريضة
بمناسبة التكريم المتأخر لفخري قعوار، أتساءل: لماذا ينتظ المبدعون "الكبار" مرضهم وقلة حيلتهم حتى تتذكرهم الحكومة، وتجود عليهم بالتكريم. أو أن لا يتذكرهم أحدٌ إلا بعد أن يموتوا، فلا يعرفوا أن الحكومة تذكرتهم، وهم تحت الأرض.
على كل حال: شكرًا إدارة مهرجان جرش التي قررت هذا العام تكريم المبدعين فخري قعوار وزياد العناني، أطال الله بعمريهما.
هذا نص كنت قد كتبته قبل مدة، حينما تذكرت فخري قعوار المقاتل الجميل، ولم أنشره
*********
أبا الأنيس ... هل تذكرنا؟
هل تتذكر وجوهنا السمر وكلية الآداب في بيروت؟
أم أن ذاكرتك أخذت تخونك، كما الحياة بمكرها ترسم لنا أفخاخًا في الطرقات؟
هل تذكر مراتع الصبا، والكلية الإبراهيمية في القدس؟
هل توقفت يومًا خلال رحلتك إلى الزرقاء، لتأخذ قَسطًا من البؤس من مخيم شنلر، أو بعضًا من متع بساتين الرصيفة؟
فخري قعوار، على وهن، يتمتم كلمات، تكتبها شفتاه بحروف ظل يتقن رسم صفوفها في الرأي، لمّا كان الحرف من ذهب، والكلمات تطلق رصاصًا.
: نعم أذكر، لكن مهلًا الوجوه تغيرت، ألستم أنتم؟
أبو الأنيس لا يعلم أن الصحراء فقدت همزتها، والجبل غرق في بحور الشعر، والسهل، زيادة في التحوط، هرب إلى الأمام، فلم يبقَ من الأرض إلا غورٍ، قلنسوات تستعد لقضمه.
هل تذكر ذلك الـ"عمرو"، لمَّا سياطك لفحت ظهره؟
هل تذكر لمّا الـ "زيد" منعك من العشق والبوح في الرأي؟
فخري قعوار يجيب: نعم أذكر، أين هما الآن؟
هل تذكر صحيفة الوحدة، لمَّا التقت إرادة من كانت "الوحدة" تؤرق مضاجعهم، هل تذكر كيف تنادَّوا ودفعوا ما بجيوبهم لمشروع "الوحدة"؟
هل تذكر نسيم الربيع، وشوارع اللويبدة؟
هل تتذكر رابطة الكتاب؟
وكيف ناضلت ورفاقك لعودتها بعد أن أغلق الـ"زيد" أبوابها؟
هل تذكر الياغييّن والسمرة والكركي وعبدالرحيم عمر ومؤنس الرزاز وغيرهم؟
هل تذكر كيف انتزعت لسنوات طوال حق الأردن في قيادة الثقافة العربية؟
هل تذكر فخري قعوار؟
فخري قعوار: أذكر ذلك، لكنها الحياةُ تعطيك لترضى، وتأخذك إليها بعنف، ولمّا يوهن الجسم، تبتسم لك بقدر، كأنها تقول لك: نلتقي في آنٍ آخر.
تريث يا فخري فزيت قنديلك لم ينضب بعد.