الرئيسية مقالات واراء
يتفنن الغرب في إيذاء نفسه عن طريق فرض المزيد من العقوبات على بعض السلع المهمة، التي لا يوجد لها بديل في الوقت المنظور مثل اليورانيوم المخضب، الذي تستورده الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة من روسيا.
في حادثة فريدة من نوعها فرضت السلطات الكندية الحظر على تحرك سفينة روسية من سانت بيترسبورغ إلى الولايات المتحدة محملة باليورانيوم المخضب، وذلك نتيجة القيود المفروضة على الحركة من وإلى روسيا. فتم إيقاف السفينة، مما عرّض مصالح ثلاث شركات أمريكية إلى الخطر، فأدى إلى إنقطاع سلاسل التوريد ليس فقط من روسيا وإنما أيضاً من آسيا الوسطى، لأنها ستسير في نفس المسار من خلال روسيا أو محاذية لها. فزادت المخاوف والشكوك من تعرض هذا القطاع إلى العقوبات أو ما قد ينجم عن العقوبات مثل مشكلة العبور من خلال الأراضي الروسية مثلاً.
لا يقف الأمر عند هذا الحد، فمشكلة العبور ما هي إلا واحدة من المشاكل العديدة التي تتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا على الرغم من أنها لم تطال قطاع الطاقة النووية بعد، وذلك لأسباب عدة: منها أن 20% من اليورانيوم المخضب يذهب إلى المحطات النووية داخل الولايات المتحدة الأمريكية من أصل 40%، وهي حصة روسيا من اليورانيوم المخضب في السوق العالمية، أي النصف بالتحديد. وهذا رقم كبير لا يمكن الاستغناء عنه بسهولة، ولا يمكن المغامرة بقطع سلاسل التوريد من دون إيجاد البديل الذي قد يتطلب فترة زمنية لا تقل عن ثلاث إلى أربع سنوات على وجه التحديد، وفقاً لبعض الدراسات الغربية بهذا الخصوص. مع العلم بأن روسيا ليس لديها أكبر إحتياطي، وفي الوقت ذاته ليست أكبر مصدّر لليورانيوم في العالم، ولكن حصتها بحسب الخبراء في خدمات تحويل اليورانيوم هي الثلث من النصيب العالمي. ومن هنا تأتي أهميتها.
فالمغامرة في فرض عقوبات على قطاع الطاقة النووية الروسية سيؤدي إلى المزيد من الانقطاع في سلاسل التوريد من جهة، وإرتفاع في أسعار اليورانيوم إلى درجات غير مسبوقة من جهة أخرى. وبالفعل فقد أرتفعت خدمات تخصيب اليورانيوم إلى 65% من السعر الأصلي هذا العام في الفترة ما بعد الحرب، لمجرد توجس الشركات للعواقب الوخيمة التي ستصيب هذا القطاع إذا فرضت العقوبات عليه بالفعل. فهل يقدّر الغرب ما سيجنيه من هذه المقامرة التي تفقده الصواب يوماً بعد يوم؟
وهل سيتعض الغرب في عدم الانجرار وراء الولايات المتحدة وآمالها المستحيلة في هذه الحرب العبثية التي ستجر العالم بأسره إلى حافة الهاوية؟