الرئيسية مقالات واراء
لم يحظ موضوع تأليف الكتب المدرسية السابقة جميعها بما حظيت به كتب الفلسفة من اهتمام وحرص وحذر، ليس بسبب عشرات حقول ألألغام المجتمعية وغيرها فحسب، بل بسبب كثرة المدّعين وصلًا بها
إذ:
كلٌ يدّعي وصلًا بليلى
وليلى لا تُقّرُ لهم بذاكا
ولذلك، أقدّم رأيي في مواصفات
كتب الفلسفة ومواصفات مؤلفيها:
حدد المركز الوطني للمناهج مواصفات الكتب" ولم يطّلع عليها أحد" وأنا على ثقة بما أقول.
وباختصار أذكر أن الكتب يجب أن تكون عميقة لا واسعة، رشيقة لا مترهلة، دسمة لا كولسترولية، حواريةً لا سردية، تربوية لا مجرد معرفية، إنسانية لا متوحشة، وأخيرًا كتب طلبة لا كتب فلاسفة!! هذه هي مواصفات الكتب كما حددتها وثيقة رسمية في المركز، لكنني ذكرتها بلغتي وبعض تحسينات بلاغية وجمالية!
على ضوء ذلك، وإذا افترضنا أن أصحاب القرار سيلتزمون بهذه المواصفات، فإن مؤلف كتب الفلسفة أولًّا يجب أن لا يكون:
1: فيلسوفًا ولا متفلسفًا، ولنا تجارب عديدة فاشلة حين كلفنا مختصين" مجرد مختصين" بتأليف الكتب عامة وكتب الفلسفة بشكلٍ خاص!
2: أن لا يكون من كارهي الطلبة أو الساديين من التربويين، وأصحاب الفلسفة المثالية التي ترفض الأنسنة والكرامة والجمال والحب، وهؤلاء كثيرون!
٣: أن لا يكون ممن لم يدخل مدرسة إلّا حين كان طالبًا، ولم يعرف أداءً إلّا أداء معلميه قبل نصف قرن.
٤: أن لا يكون مغمورًا مجتمعيًا، ولا مجهولا تربويّا، ولا من "العشرة الأوائل" في التوجيهي، وربما ليس من "العشرة الأواخر" مع ثقتي بإمكانات هؤلاء!
٥: أن لا يكون مختل التوازن العاطفي، أحادي النظرة.
هذه هي الفئات غير الناجية والمستثناة من التأليف وحتى التدريس، فما مواصفات الفئة الناجية؟
لن أكون منحازًا لفئة، فالموضوع أكبر من شخص، مهما كان حجمه، ولن أضع مواصفات منحازة مع أني سأُتّهم بوضع مواصفات شخصية ، وهذا لا يهمني، أنا أدرك معاناة مؤلفي الكتب العلمية وحتى الدينية، فما بالكم بكتب الفلسفة أو التربية الوطنية والتاريخ- خاصة المحلي -
وقد لا أحتاج إلى جرأة لأقول:
إن مؤلف الكتاب المدرسي، يجب أن يكون:
معلِّمًا عرف المدرسة والطلبة، وما زال قريبًا منها ، عرف ماذا يدرس الطالب حتى في غير مادته، فالطالب يدرس إلى جانب الفلسفة عشرات المواد والموضوعات والقضايا!
وأن يكون "متعلّمًا أيضًا - وهنا قد يبتسم كثيرون - لأني متعلم -
وهذا لا يعيبني، فالمتعلمون كثيرون غيري، وهم وحدهم من يعيشون الحداثة والمتغيرات. وأن يكون تربويا، بمعنى أنه صاحب فكرٍ ورؤية تربوية، مهما كان تخصصه. وأن يكون شجاعًا قادرًا على تحمل المسؤولية، والسير بين الألغام، وأن يكون متقنًا لمهارات التعبير الكتابي، ومخاطبة الطلبة والاستماع لهم، وصاحب قلمٍ جاذبٍ.
هذه مواصفات المؤلف وربما الإنسان غير المعقّد، والبسيط.
اللهم اهدِ قومي! إذا كنا نريد للفلسفة أن تنجح! إقرار مادة الفلسفة شيء ونجاحها واستمرارها شيء آخر! تمت إعادة الفلسفة سنة١٩٩٢، ولكنها اندثرت بسبب تلزيم تأليفها لمن دمرها
من المختصين فيها!
قد نتعلم من تجاربنا!