أحداث اليوم - أ.د. زيدان كفافي

زارخلال القرن التاسع عشر مجموعة من الرحّالة والمستكشفين ضفتي نهر الأردن مستطلعين البلاد والعباد، وسجلوا جميع مشاهداتهم في تقارير أرسلوها للمؤسسات والهيئات والدول التي أنفقت الأموال على رحلاتهم هذه. ولم يكتفي بعضهم بكتابة التقارير، بل أن بعض القناصل الأوروبيين قد تدخلوا في حينه للحصول على بعض القطع الأثرية النادرة وإرسالها للمتاحف في بلادهم. وكانت بلاد ما بين النهرين ووادي النيل هي الأكثر بين الدول العربية الأخرى التي أخذت منها الآثار. وأعتقد أن لكل قطعة عملة وجهان، وأنا أختار أن هذه القطع هي سفراء لحضارتنا في العالم، ونفخر أن تكون في المتاحف العالمية، لكن يجب أن نحقق من وجودها هناك مردوداً مالياً. ويرى غيري أنه يجب عودة هذه القطع الأثرية إلى ديارها، وهنا أفضل الصمت على الكلام.

محارب شيحان
أخترت من بين القطع الأثرية المعروضة الآن في متحف اللوفر بباريس، لوحة بازلتية عثر عليها في عام 1851مفرنسي اسمه F. de Saulcyفي موقع اسمه "رجم العبد" الواقع بين بلدتي شيحان وذيبان في مؤآب. وبقيت اللوحة في مكانها حتى عام 1864م حين نقلت إلى متحف اللوفربواسطة روناد ديسوR. Dussaud .
ما دعاني لاختيار هذه اللوحة الفنية موضوعاً لهذا المقال هو مقالة نشرت في العدد 36 من مجلة Expression لعام 2022 للعالم الإيطالي إمانويل أناتي يربط بين المحارب وسلاحه، ويوشع ورمحه. ولمن يرغب عليه مراجعة البحث أدناه:
Anati, Emanuel 2022; Dating the Biblical Exodus, an Enquiry in Conceptual Anthropology. Expression 36:18-33.
ويمثل الشكل المنحوت رجلاً يقف وقفة جانبية يحمل رمحاً طويلاً في يده، وحار الباحثون من يمثل هذا الشكل، هل هو لإله أم ملك؟ لكنني أعتقد أنه لمحارب مؤآبي. ويرتدي الشخص ما يشبه التنورة على وسطه، وغطاء رأس. وللأسف فإن اللوحة مكسّرة خاصة من جزئها السفلي.
اختلف العلماء في تأريخها، إذ أرخها وليم أولبرايت بين حوالي 2600- 2300 قبل الميلاد، بينما رأت أولغا تفنيل أنها تؤرخ بين 2700 – 2000 قبل الميلاد، وأما العالم الألماني "ألت" فرأى أنها تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد. لكن ما زال الدارسون لم يتفقوا على تاريخ محدد لها نتيجة لغياب الدلائل الأثرية المصاحبة لها. وهناك دراسة تفصيلية لهذه اللوحة نشرت عام 2014، وهي:
Hunziker-Rodewald,R. and R. Deutsch 2014; The Shihan Stele Reconsidered. Pp. 51-67, Pls. 6-10 in J. Elayi and J. M. Durand (eds.), Bible et Proche-Orient. Mélanges André Lemaire II (Transeuphratène 45). Paris.