الرئيسية حدث وصورة
أحداث اليوم -
جدل كبير ونقاش واسع ذلك الذي رافق مقترح قانون الطفل منذ أن طرحته الحكومة الأردنية في نيسان/أبريل الماضي، وحتى إقراره مؤخراً من قبل مجلس الأمة مروراً بمراحله الدستورية ليصبح نافذاً وواجب التطبيق بعد مرور تسعين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. الجدل كان بين مؤيد يرى أنه يراعي خصوصية البلاد ويحمي الأطفال من الانتهاكات، ومعارض يقول إنه مستورد من الغرب ويكرس النزعة الفردية ويتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وقيم المجتمع الأردني
. ومن منطلق التقاطعية بين قطاع العدالة وسيادة القانون والحماية الاجتماعية بمفهومها الشامل وفي إطار مشروع تعزيز ثقة الجمهور في قطاع العدالة عبر الحوار المجتمعي، عقد منتدى دعم قطاع العدالة في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) جلسة حوارية بعنوان "قانون حقوق الطفل.. ماذا بعد"، وذلك للبحث في العديد من الإجراءات والمتطلبات والتعديلات التشريعية الأخرى والتي سوف ترتبط بالقانون، ودور المجتمع المدني والجهات الرسمية الصحية والتربوية والتنموية والقانونية في تطبيق القانون والتصورات حولها. وشارك في الجلسة كل من الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة د. محمد مقدادي، والمستشارة القانونية والرئيس السابق لديوان التشريع والرأي فداء الحمود، والمديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز.
مديرة الجلسة ومديرة الإعلام والاتصال والمناصرة في مؤسسة إنقاذ الطفل، نادين النمري بدأت حديثها مؤكدة أن قانون الطفل الذي تأخر 24 عاماً كان من أكثر القوانين التي أثارت جدلاً في مجلس النواب وعلى منصات التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن الأمنيات كانت بأن يخرج القانون بشكل مختلف لكنه صدر على كل حال وسيدخل حيز التنفيذ مع بداية العام القادم وعلينا التعامل معه باعتباره أمراً واقعاً.
من جهته، قال د. محمد مقدادي إن القانون كان ترجمة لاتفاقية الطفل التي وقعها الأردن عام 2006، وبدأ المجلس الوطني لشؤون الأسرة صياغته عام 2015 حتى وصل الحكومة عام 2019، وخلال تلك السنوات كان المجلس في مشاورات دائمة مع ديوان التشريع والرأي والمؤسسات الأردنية لأخذ الملاحظات حتى يكون القانون توافقياً إلى أبعد حد، مؤكداً أن الداعي للقانون هو التأكيد صراحة على حق الطفل في الصحة والتعليم.
وعن إيجابيات القانون بين مقدادي أنه حرص على جودة التعليم وخاصة التعليم العام الذي تراجع كثيراً لا سيما مع جائحة كورونا، فعلى سبيل المثال نص القانون بشكل واضح وصريح على منع التسرب المدرسي للأطفال وهو أساس التشرد وعمالة الأطفال في حين لم يذكر قانون وزارة التربية والتعليم مصطلح "التسرب". أما فيما يخص الصحة، فأكد مقدادي أن القانون نجح في فرض الرعاية الصحية الأولية للأطفال والدفع باتجاه وجود مركز لمعالجة المدمنين الأحداث، و سيتم استيفاء حق الرعاية الصحية الأولية لجميع الأطفال على أرض الأردن في غضون عشر سنوات، مشيراً إلى أن القانون كان أفضل ما تم التوصل إليه في ظل المعطيات والإمكانيات المتاحة وهو قانون برامجي ومحكوم بفترة زمنية لتنفيذه
بدورها، أكدت فداء الحمود أن المطلوب منا الآن هو بث الروح في هذا القانون، داعية إلى تجويد بعض النصوص فيه، حتى لا تسبب لغطاً في تفسيرها، فالأصل أن يسمو هذا القانون على باقي القوانين والتشريعات إذا تعارض معها لكن تعديلات مجلس النواب عليه وإضافة عبارة " بما لا يتعارض مع التشريعات" غلّبت التشريعات السابقة عليه. واستهجنت الحمود بعض التعديلات التي تعاملت مع الوالدين أحياناً بينما تجاهلت الأم وسحبت صلاحياتها وركزت على الولي في مواضع أخرى لا سيما في النظام المدرسي، مؤكدة أن القانون فيه العديد من التناقضات والعوار التشريعي خاصة أن بعض النصوص تحتمل تفسيرات كثيرة.
في حين انتقدت هديل عبد العزيز التصربحات التي اتهمت مشروع بمخالفة الشريعة، مؤكدة أن التعديلات التي شملت المادة 4 من القانون بحيث صارت تنص على "إعطاء الحق للطفل في التمتع بجميع الحقوق المقررة في هذا القانون وبما لا يتعارض مع النظام العام والقيم الدينية والاجتماعية وأي تشريعات أخرى ذات علاقة وبما يكفل تمكين الأسرة من المحافظة على كيانها الشرعي كأساس لمجتمع قوامه الدين والأخلاق وحب الوطن" أفرغته من مضمونه، ففي حين كنا نطمح أن يعالج القانون اختلالات القوانين الأخرى وأن يكون دستوراً للتعامل مع الطفل ألغت المادة هذا الهدف وعدنا كما كنا قبل القانون. وأضافت " طالما أننا أقررنا قانون حقوق الطفل الذي يهدف إلى حماية الطفل من العنف فمن الواجب العمل على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات التي تجيز للوالدين تأديب الأبناء دون تحديد ماهية الطرق المعالجة لعملية العقاب بشكل يحفظ من المغالاة في عملية التربية والتهذيب.
وفيما يخص دور الرعاية ومراكز التأهيل، أكد رئيس المكتب التنفيذي لمكافحة المخدرات الدكتور أسامة المناعسة انتهاء المخططات الهندسية لمركز علاج الإدمان الخاص بالأحداث والنساء على أن يبدأ العمل بتشييده خلال الأسابيع القادمة بكلفة بلغت حوالي مليون دينار أردني رصدت من صندوق مكافحة المخدرات.
وفيما يخص التوعية بالقانون وروحه، شددت المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض) سمر محارب على ضرورة تضافر الجهود الإعلامية والمناصرة من قبل منظمات المجتمع المدني في الفترة القادمة، ففي قانون حقوق الطفل كان المجتمع المدني في المقعد الخلفي لظروف عدة، فلا بد من اغتنام الفرصة لتوحيد الجهود والاستعداد وللقضايا المشابهة مستقبلاً، مؤكدة أننا ننطلق من غاية واحدة وهي حماية الطفل وتوفير أفضل سبل الحماية له.
وخرجت الجلسة بمجموعة من التوصيات حول التعزيز والتشبيك بين الجهات الفاعلة المعنية بحماية الطفل ونماءه وصحته، وحمايته، ورعايته بهدف تحقيق أهداف القانون والالتزامات المترتبة بموجبه، وعمل دراسات إحصائية متخصصة شاملة مستمرة حول التحديات التي تواجه الطفولة في الأردن ومقدمي الرعاية والخدمات المختلفة ذات العلاقة بالطفولة من كافة الجوانب، إضافة إلى مراجعة تشريعية شاملة لجميع التشريعات التي ترتبط بقانون حقوق الطفل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وعمل حملات مناصرة للاستعجال بإصدار الأنظمة والتعليمات المرتبطة بالقانون ومعالجة أي فجوة قانونية، فضلاً عن تصميم وتطوير برامج وسياسات التوعية والإرشاد ذات العلاقة، وإيجاد مراكز متخصصة لعلاج الطفل وتأهيله في حالات الإدمان. وعليه كانت أبرز التوصيات البدء بمتابعة تنفيذ القانون، وتحرك الحكومة وإلزامها برصد الموازنات لتطبيقه، وتعديل بعض القوانين التي تعارض تنفيذ القانون، وأن يأخذ المجتمع المدني على عاتقه مهمة زيارة القرى والمحافظات للتعريف بقانون الطفل للجميع، والعمل على منع انحسار الحماية الأسرية وتغليب مصلحة الطفل الفضلى.