الرئيسية أحداث فنية
أحداث اليوم -
استعاد كتاب وأدباء وفنانون، إرث الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، في افتتاح فعاليات البرنامح الثقافي لـ"مهرجان جرش للثقافة والفنون"، اليوم في المركز الثقافي الملكي بعمان، عبر ندوة احتفت بإبداعه واسمه الكبيرين، وأكدوا على أهمية الراحل الأدبية والفكرية باعتباره صوتاً لا ينمحي لفلسطين وقضيتها وشعبها.
وشارك في الندوة التي أدارتها وزيرة الثقافة هيفاء النجار، الفنان اللبناني مارسيل خليفة، والفلسطينيان: الكاتب والمحاني جواد بولس، والمؤلف الموسيقي وسام جبران، والناقد فخري صالح.
وأكدت النجار، في تقديمها على أهمية درويش الفكرية والأدبية وان احتفال "مهرجان جرش" به، يعد من باب الوفاء لأسمه وللقضية الفلسطينية التي بقي درويش يعرف بحقها وعدالتها بصوته الشعري في كل أنحاء العالم.
بدوره، استذكر بولس أيام الراحل الأخيرة في فلسطين قبل رحلته إلى أميركا مروراً بالاردن وفرنسا، حيث أجرى عملية القلب الأخيرة التي فارق الحياة إثرها، وقال: "في كل عام منذ رحيله، في مثل هذه الأيام، يعذبني شعور غامر بالندم وتعيد ذاكرتي تفاصيل القلق الذي عاشه محمود بدون انفكاك، فهو لم يكن واثقًا بصواب اختياره لاجراء العملية؛ وحتى آخر لحظات مغادرته رام الله كان يكرر السؤال عليّ وعلى سائر أصدقائه القريبين، ما رأيك، أخوض المغامرة أم أنسى وليكن ما يكون؟".
وكشف بولس، ان درويش واجه في حياته عداوات شديدة وموجات تحريض ممنهجة أحيانًا أو فردية عرضية في أحايين أخرى، مؤكداً: "كان لا يعير معظمها على الملأ اهتمامًا مفرطًا وكان يهملها على الاغلب، الا انه في الحقيقة كان يتضايق منها ويغضب على مفتعليها، وكان يزعجه ان بعض مَن قادوا تلك الحملات أو من وقفوا خلفها كانوا يعدّون انفسهم من المقربين اليه وحتى من حلقات أصدقائه".
أما جبران، فتحدث عن المدخل الأهم لفهم العلاقة العميقة بين الموسيقى والشعر، وعلى خصوصيته عند محمود درويش، هو دراسة مفهوم الزمن وتطوره عبر مراحل مشروعه الشعري، وأوضح: "من خلال تعاملي كموسيقي مع اشعار درويش، تكمن أكثر طبقات الكتابة إثارة للرصد في قصائده، رصد تطور مفهوم الزمن، وتأثير مفهومه المتغير للزمن على صياغته الشعرية من جوانب عديدة، وأهمها الجانب الجمالي/ الموسيقي، غير المنفصل عن الجوانب المعنوية والنفسية، وغير المنفصل عن الجوانب الشكلية والبُنيوية الهندسية، إلى جانب المقاربات الفلسفية والسياسة والاجتماعية والفردانية التي تشتبك مع النصوص في غير موقع".
وقال: "خاطبت قصائد درويش الجماعة، كما خاطبت الفرد، تارةً بحماسة مدوّية وتارة بهمس، وتارة بيقينٍ وتارة بقلق. لكن، من الصعب رصد تطور مفهوم الهُوية الجمعية (العربية أو الفلسطينية)، أو رصد تطور الهُوية الفردانية في شعره، خارج رصد تطور مفهوم الزمن ومفاعيله".
في حين أكد صالح، أن محمود درويش، يبقى حاضرًا بقوة في المشهدين الشعري والعام، رغم مرور 16 سنة على غيابه. وقال: "درويش حاضر من خلال ما أنجزه من كتابة شعرية، ورؤيةٍ للشعر ودوره منبثة في كتاباته النثرية، والحوارات التي أدلى بها. كما أنه حاضر في التأثير الشعري، على شعراء ينتمون إلى أجيال مختلفة، ومن ضمنهم جيله هو، ومن خلال الصخب الذي دار، وما زال يدور حول التأثيرات والمطابقات والتناصَّات التي ينطوي عليها شعره. كلُّ ذلك يجعل من درويش طاقة شعرية خلاقة تتجدد من خلال قوة تأثيرها، وعبر العودة إلى نصها الشعري على نحو دائم، كما يجعل منه عقبةً وتجاوزًا في آن، جدارًا يحجب التطور، ونافذة تطل على مستقبل يأتي؛ نهايةً وكذلك بداية".
واختتم خليفة الندوة، بقوله: "رأى درويش كل نوتة موسيقية هي شمس كبيرة تعيد إلينا الحب والكرامة والحرية والحياة، وتوقظنا كانتصار على الموت"، محيياً فلسطين وغزة وجنوب لبنان، مستعيدًا ذكرياته شابًّا كان يستمتع بتلحين قصائد الشاعر محمود درويش في بداية الثمانينات في بلدته "عمشيت"، من خلال قراءة شغوفة في بيته لدواوين درويش، فضلًا عن إحساسه المبكر بالقضية الفلسطينية، وإعجابه بالشاعر، فأنتجت المرحلة أغاني: "وعود من العاصفة"، و"أحن إلى خبز أمي"، و"ريتا قصة حب".
وتحدث خليفة عن المرحلة التالية في علاقته بدرويش، وقال إنه لم يكن يتصور أن تكون أغنية "أحن إلى خبز أمي"، خبزًا لكلّ الناس في انتشارها، فلم تكن هي وغيرها من القصائد مجرد أهازيج وإنما لوحات جميلة. كما عرض مارسيل لمرحلة كورونا وتأثيرها المجتمعي، وتفكيره الجاد بـ "جدارية" درويش، كعمل فني كبير، يطمح أن يعرض على المسرح وتصل أفكاره إلى الجميع.