الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أبو هلال يكتب : رد أول .. ما بين حرب الاستنزاف والحرب الشاملة

    أحداث اليوم - محمود أبو هلال
    توطئة:
    قبل الطوفان وإزاء الاقتحامات المتكررة من قبل دولة الاحتلال للأقصى والاغتيالات ومصادرة الأراضي واستفزازات المستوطنين. كانت بعض الأصوات تخرج بإيقاع شبه منظم وبمعزوفة نشاز تسأل لماذا لا ترد المقاومة وتنفذ تهديداتها على جرائم الاحتلال. ولما نفذت وجاء الطوفان راحوا يلومونها متباكين على الضحايا والأبرياء في غزة!.
    ذات الأصوات وبذات المعزوفة وبذات الإيقاع يتساءلون منذ أسابيع عن رد حزب الله ولماذا لا ينفذ تهديداته ويرد على جرائم الاحتلال التي طالت قيادات حزب الله العسكرية والسياسية. - أستثني أصوات بعض أصحاب النوايا الحسنة-.

    من الواضح أن نيتنياهو يلعب ورقته الأخيرة بجر المنطقة والعالم إلى حرب واسعة مدمرة تكون فيها "إسرائيل" تحت مظلة أمريكا والغرب الأطلسي. نيتنياهو ليس وحده في هذه اللعبة الخطرة، يقف معه جناح نافذ ومتطرف داخل الدولة العميقة في أمريكا.
    هؤلاء يراهنون على أن تتدحرج المنطقة إلى حرب واسعة تشارك فيها أمريكا مدفوعة بمفعول ديناميكية الأحداث المتواترة. حرب تصفّى فيها الحسابات مرة واحدة: تدمير غزة، تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، تدمير لبنان وتصفية المقاومة، الانتقام من اليمن والعراق، تفجير سوريا، والانتهاء من وجع الراس في إيران. حرب واحدة ينتهي معها كل شيء، تضمن لإسرائيل عقودا من الأمان والتفوق على محيطها ويتم توظيفها في الصراع السياسي الداخلي في أمريكا.
    في المقابل، يعتمد المحور المعادي "لإسرائيل" استراتيجية حرب الاستنزاف ويعمل على تفادي الوقوع في الفخ الاستراتيجي المحكم ويزن أعماله بدقة: الاشتباك اليومي متعدد الجبهات، دون الوصول إلى مستوى الحرب الشاملة بما يسمح بإطالة الحرب واستنزاف الكيان، مع حرمانه من الذريعة التي يحتاجها لإطلاق حرب واسعة ومدمرة.

    رد أول
    عملية حزب الله اليوم تأتي في إطار الرد الطبيعي على عدوان الكيان على اغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر. ورغم فصل حزب الله المنهجي بين "الرد على الاعتداء على الضاحية" وإسناده العسكري للمقاومة في غزة في جبهة الشمال منذ 8 أكتوبر فإن عملية اليوم لا تنفصل من معركة طوفان الأقصى الكبرى.
    الكيان يقرأ عملية اليوم على ضوء تصوره للعلاقة بين جبهة غزة والجبهة الشمالية. ويخشى أمام حقيقة خسائر جيشه في غزة وعجزه النهائي عن التقدم نحو أي من أهدافه فإنه يخشى أن تكون لحزب الله القدرة على تنفيذ الضربة الثانية بقوة كبيرة. وهذه نقطة ضغط قوية.

    العملية وصلت إلى عمق مائة كلم ( طالت تل أبيب) ولم تستعمل فيها الصواريخ البالستية والدقيقة التي يمتلكها الحزب. واعتبر الإعلام العسكري والسياسي للكيان أن العملية التي استهدف مراكز الاستخبارات ومراكز القيادة العسكرية في الكيان، هي صورة عن ضربة أخرى محتملة.

    الكيان قال أنه قام صباح اليوم بما أسماه "ضربة استباقية" بأكثر من مائة طائرة. وادّعى بأن الحزب كان سيوجه حوالي ستة آلاف صاروخ. غير أن هذه الرواية التي سردها نتنياهو لم تلق القبول حتى داخل الكيان.
    من جانبه اعتبر حزب الله أن العملية "نوعية باتجاه العمق الإسرائيلي" (هدف نوعي داخل الكيان سيعلن عنه)، وقد تم إنجازها بنجاح، فهي بذلك منتهية وقد يكون لها شوط ثان. وهو ما يعني أننا لسنا أمام معركة مفتوحة، وإنّما هي في سياق تجاذب "القدرة على الردع" بين أطراف الصراع، وربما تكون خطوة أولى في كسر "قواعد الاشتباك" المرعية.
    وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذا الرد أو العملية من قبل حزب الله، لا يمكن فصلها عن معركة الطوفان الكبرى، وفي ذات الوقت لا يمكن فصلها عن التدافع الاسترتايجي الإيراني الأمريكي في المنطقة.





    [27-08-2024 01:37 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع