الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - علي عبيدات - ماذا لو تأخر انهيار سد مأرب وظل العربُ عُصبةً قوية ولم يتفرقوا! سنكون حينها أقوى، على الأقل لن تجد طفلًا من دمهم يقتل ببساطة، ماذا لو صدقَ الفرسُ مع سيف بن ذي يزن ولم يخدعوه في حكم اليمن! ماذا لو مات أبو رغال قبل أن يُرشدَ أبرهة الأشرم إلى طريق الكعبة، يقولون إنه كان يقتفي أثر الطير وهو الدليل العربي الوحيد الذي وافق على خيانة العرب.
ماذا لو عاشَ طرفة بن العبد أطول! لو أنه لم يسخر من كشح زوج أخته ويتلقفَ ابن هندٍ وشايته، تخيل لو عاش طرفة حتى سمع "أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ:" طرفة الذي قال في الناقة"أحَلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْوقد خبَّ آل الأَمعز المتوقد"، قتلوا الفتى ابن العشرين مشبوحًا!! لو أنه أخذ من قرن ونصف عاشها البخيل الحارث بن الحلزة. إن رجلًا مثل طرفة يُقتلُ به كبش عظيم من بهاليل قومه.
ماذا لو لم يتقاتل الرجال في البسوس والفُجار وطسم وجديس وحليمة وداحس وغبرائها، لو أن غطفان وعبس وذبيان كان بينهم عاقل، ماذا لو توقف كيد النساء حتى يكبر الشنفرى، لو أن نبيًا من جيش الأنبياء مر بأبي خرّاش وعروة والسليك وتأبط شرًا والأطيلس وآنسَ وحشتهم، إنَ موسى بعظمته آنستهُ نارٌ وهؤلاء الأطهار كانوا بحاجة جذوة أو حتى دخان ثم لنحكمنّ الدنيا بأمثالهم.
لو أنّ أبا سفيان ظل على رأيه، ثم لا نقاتلهم على تنزيله أو تأويله، لو أن معاوية ضاع في طفولته وصار من أهل القيافة في مضارب الأنباط، لو أن يزيد ومروان وقعوا في حب روميات وعافا السياسة والتحقا بهن في صقلية، لو أن عليًا توضأ بالسيف كما توضأ بالحكمة، لو أن أسماء لم تسمح للحجاج بتأويل جملتها وظل ابنها مسيحًا عربيًا، لو أن عثمان قبل هذا كله توقف عن الخجل!.
لو أن هلال التميمي صورَ لنا واقعة رستم حين ظفرَ به مختبئًا في خيمة فضربه في خصره حيث تخرّ شوفينية الحضارة الفارسية أمام تميمي تأخر حتى عرف الماء البارد، لو أن المنصور أحسن الشورى وهارون أحسن التربية وواصل لم يعتزل المجلس وابن الفجاءة تزوج حبيبته والأزارقة أحبوا لونًا ترابيًا غير لون السماء، لو أن الجنود الذين ذُبِحوا شبابًا ماتوا على فراش التقاعد بين حفيدين على الأقل. لو أن شارلمان لم يقبل الهدية!
لو أن التاريخ أدرك صلاح الدين بشكل مبكر، لو أن بيبرس وقطز كانا أكثر تعقلًا، لو أن أمراء المماليك ماماي وخوش قدم توقفوا عن الشراهة وبيع مفاتيح المُحتسب لمات سليم على حواف حلب ولم يُسبى عمال وزُراع الشام ومصر، لو أن الباب العالي كان بدرجات أقل، لو أن الثورة العربية كانت دموية أكثر لتردع الضياع الطارق على الأبواب، لو أن العساكر واصلوا حلاقة الذقن والتجار واصلوا رفد الخزينة والمؤرخون استوضحوا الغوامض بالمنطق، لو أن التاريخ كان مستقبلًا! على الأقل تموت مساحة الإرتجال.
لو أن القارظ العنزي آبا!!