أحداث اليوم - جلست مع نفسي في الجمعة الأخيرة من هذا العام ، و قفزت إلى مخيلتي مجموعة من المواقف و المشاهد والمقاربات التي دفعتني لتلخيصها في محطات تجمع بين أصحاب الرجولة ومن فقدوها وان تعددت الاسباب . فالرجولة لا تقاس بغلاظة الصوت أو ضخامة الاجسام أو حسن المظهر و كثرة المال و الجاه والحسب ، فحين صعد إبن مسعود رضي الله عنه إلى شجرة ليقطف ثمرا و سخر منه المسلمون لدقة ساقيه، وبخهم رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لضحكهم بقوله أن رجل عبدالله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد.

بالمناسبة وزن عبد الله بن مسعود لا يقارن بوزن ورك علي بن مسلم ، و هو ليس صحابيا ، بل عضوا جديدا في مجلس إدارة نادي الوحدات ، عرف و اشتهر برميه عشية الانتخابات خارج تجمع رجولي عند أول محك ، ليسجل أول موقف رجولي خاليا من الدسم ، مقابل أن يحظى المرشح للرئاسة بفرص فوز مضمونة، و بناء عليه حين فاز مع من قدروه نال شرف تنصيبه ناعقا إعلاميا كالقعفاع صاحب الصوت الجهوري، مسطرا بذلك مثلا جديدا للرجال أصحاب عنوان المقال .

اتذكر ايضا في سياق محطات الرجولة العز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء في دمشق ، عندما أشارت عليه زوجته حين افلس رجال دمشق و أصبحت البساتين تباع بأسعار بخسة أن تبيع ذهبها ليشتري بها بساتين دمشق، و لما أعطته النقود تصدق بها على فقراء الشام ، و قال لها هم أولى، متجنبا أن تحسب عليه أنه أشتغل على حال الناس ، في حين أن تاجرا ميسور الحال يصلي و يصوم و يستغل كل ما يلوح أمامه تخلى عن كل مبادئ الرجوله و القيم من أجل ثمن بخس لم ينله ... فلا طال بلح الشام ولا قشطة أبو خالد !

و قفزت إلى مخيلتي و أنا اقلب مواقف العام صورة صدام حسين حينما وقف أمام الامريكان و حلفائهم في محكمة صورية ، ظل شامخا مبتسما و هو يرى الرجولة ترتجف أمامه ، يالله كيف ينتفض الحاكم من المحكوم و كيف يركع الظالم للمظلوم، صفق العرب حكام العرب خلسة لامريكا و هي تزيح فصلا من الرجولة أمام حكام العرب الصامتين و المؤلفة قلوبهم ، ربما كان صدام حجاج الأمة لكنه لم يكن يشبه ذاك الاشعث الاغبر والذي لم يترك رجلا الا و شتمه ولا جمعا الا و شتته، يصرخ بغباء و يصرح بأنه صانع الرؤساء، وكيف لابله مختل ان يدعي هكذا ادعاء ، فهذا الهلفوت لا يمكن أن تنعته برجل لانه لا يملك أدنى مقومات الانسان البدائي و الذي يعيش فقط في الكهوف و
بين الحيوانات و الجيف ، فكلمة هلفوت تختصره و تعطيه حقه ..

في الثورة الفلسطينية شهدت المطارات و المراكز الحدودية تهريبا للسلاح من أجل المقاومة ، و رجال الحلقة هنا يسافرون من أجل تهريب الدخان و عمل سبوبة ليست من مالهم الخاص ، وهنا تجتمع قلة الامانه مع قلة الوفاء تحت اسم مهرب ، عرف باغلظ الإيمان في بلاط السلطان . فعلا شتان بين رجال الثوره ورجال حريم السلطان .

واختتم بمحطة أشعرتني برغبة شديدة بالتقيء و انا ارى رجل مزاد المقاعد ، صاحبنا يبيع كل مبادئ حزبه عند اول تسعيرة مغرية للمقعد الأول، فهنا أمين شجع كل الأندية الاردنية من أجل ولاءات زائفة ، و هناك امين حزب اخر باع كل حزبه من أجل مقعد حكومي ، و رجل يشتري رجال الاحزاب من أجل تثبيت حزبه، و أيضا رجلا أسس حزبا عنوانه المساواة في المواطنة ليلا و دعوة للفتن العنصرية النتنه صباحا ، و آخر يرتجف من كل الاشكال الهندسيه وعلى رأسهم الدائرة!!

اي زمان هذا ، انه سوق لبن سمك تمر هندي ، الرجال تجر إلى مقصلة الخيانه ، رجال النصف دينار و رجال مقعد المليون ، رجال التطبيل و السيرك غير مدفوع الثمن ، رجال الخيانة و الخذلان ، رجال البوتكس و الشفايف لا رجال المبادئ و المواقف و النيل الشديد .. انها يا سادة الرجال حين تحيض .