الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    محمود أبو هلال يكتب : من لبنان .. إعلان ولادة الشرق الأوسط الجديد

    أحداث اليوم - قبل أيام سلم لبنان المعارض "المصري" التركي" عبد الرحمن يوسف القرضاوي للإمارات..
    عبد الرحمن يوسف مصري يحمل جنسية تركية لا معنى لها.. لأنها جاءت في سياق التراجع التركي عن خيار المراهنة أو توظيف الحركات الإسلامية، لصالح خيار المراهنة على القوة المالية الاستثمارية الضاربة للإمارات والسعودية.
    بمساعدة وغض طرف من تركيا التي رجحت مصلحتها المالية مع الإمارات على حق إنسان لا يعدو في نظرها أن يكون فردا مصريا عربيا.. ولو كان يحمل الجنسية التركية. وبمساعدة وغض طرف الحكم الجديد في سوريا أيضا.
    باختصار شديد. تسليم عبد الرحمن يوسف هو مؤشر هام عن بداية الشرق الأوسط الجديد.. ولا نبالغ إن قلنا، انه تم محو فترة التأزم الخليجي التركي ما بين 2013-2020 من تاريخ المنطقة.
    فمن كان يعتقد أن اعتقال مواطن يحمل الجنسية التركية، لا بد أن يتبعه استنفار كامل من الدولة التركية، التي رسمها في خياله ماردا جبارا، يحول دون تسليمه للإمارات، فاليعد حساباته كما أعادت تركيا حسابتها.
    ومن راهن على الحكم الجديد في سوريا أن يكون حاضنا للمعارضين العرب حتى لو كانوا من الداعمين للثورة وللحكم الجديد وجاؤوا إلى دمشق مبتهجين بسقوط نظام الأسد.. عليه أن يعد حساباته كما يفعل الحكم الجديد أيضا.
    لقد بدى أن الحكم الجديد في سوريا يسعى حثيثا ليكون جزءا من النظام الرسمي العربي "العاجز" بل ويسعي لتبييض الوجه أمام الجهة الساعية لاعتقال عبد الرحمن. وبصورة أخرى قد نقول للمتأملين في الحكم السوري الجديد والمتعلقين بالقشة التركية.. لقد توقفتم عند لحظة زمنية بعينها وعليكم أن تدركوا أن الزمن تجاوزكم.

    الفاعلون الأقوياء في هذا الشرق الأوسط الجديد يسعون لإيجاد صيغة أفضل لتقاسم المساحات والمنافع والنفوذ.. فلقد جربت تركيا الاصطدام بالخليج فلم تجني سوى تراجع الاستثمارات والسياحة وتردي العملة المحلية، وفوق ذلك لم تجن مكاسب سياسية واضحة.. وجرب الخليج ( الإمارات والسعودية) تغيير الحكم في تركيا والإنقضاض على حليفها في المنطقة (قطر) وما حصدوه كان مجرد مناوشات ونشاط كثيف للذباب الإلكتروني.
    وفي المحصلة لم تنجح تركيا في التأثير على الأنظمة الملكية، ولم تنجح الأخيرة بدورها في إزاحة أردوغان ولا التأثير على النفوذ التركي في الإقليم.. معادلة أجبرت الكل على التراجع خطوتين للوراء ثم الدوران والالتقاء في دمشق ولبنان.

    أما لبنان فكانت بحق الساحة المناسبة لإطلاق هذا الشرق الأوسط الجديد.. فلبنان على الدوام كانت معملا تجريبيا لإنتاج القوة الإقليمية المهيمنة. ولو كنت ترغب في معرفة من هي القوة الإقليمية الأهم في المنطقة العربية؟.. انظر فقط إلى لبنان وستعرف.
    الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله من "إسرائيل". كانت كفيلة بالتغيير وما تسليم عبد الرحمن يوسف إلا مؤشر مهم لهذا التغيير.
    فتصرف الحكومة اللبنانية الذي اخترق كل القوانين وكيفها لصالح تسليم الرجل.. هو بالضرورة إعلان لمن القوى اليوم.
    ببساطة.. حزب الله تراجع، فلم يعد بمقدوره التحكم في كل تفصيلة في الحياة السياسية من جانب، ولم تعد له رغبة في الدفاع عمن لا يتقاسمون معه ذات الخط الأيديولوجي بالكامل. ويعلم بالضرورة أن أمامه معركة قاصمة في الداخل اللبناني، ولا حاجة له بالتورط في معركة جديدة مع المحور الخليجي.
    شرق أوسط جديد يجب أن تمحى منه فترة الاستنزاف الماضي بين الفواعل السنّة (السعودية وتركيا) بل تعاون وتقاسم.. على أن لا يعمم انتصار الثورة السورية، بقدر ما هو استغلاله لتثبيت وضع إقليمي صالح لسنوات قادمة بفض الاشتباك مع "إسرائيل" مقابل الاعتراف بالمصالح التركية والعربية في الباقي من سوريا.
    شرق أوسط جديد.. انحسر فيه نفوذ إيران في العمق الحربي واندحرت بخطابها وسلاحها وميلشياتها، وأقسى ما تتمناه الآن.. ألا تدور دائرة الحرب عليها، وأن يكون أمامها الوقت الكافي للنجاة.





    [12-01-2025 02:28 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع