الرئيسية
مقالات واراء
محمد أبوعريضة
وفي الليلةِ الظلماءِ نفتقدكُ أيها اليعربي
كنتَ أيها اليعربي على موعدِ مع المجد
ولدتَ هناك أقصى الجنوب، حيث تَضرِّبُ قبيلتكُ الحويطات بعيدًا في دربِ المكان
ولمًا ختمَ الصبيُ الفطام "تحوط" كما جدَّهُ غازي الحويط، واستلَ مفتاحَهُ ومضى إلى حيثُ هناك يكونُ المرام
كنتَ ترنو إلى يومٍ بعينِهِ
تدنو الهوينا إلى لحظةٍ تعرفُها أو هي تعرفُكَ أم هي الأيامُ لم تكُّنْ تريدكُ أن تستعجلَ المستخلصات
في المفازاتِ خضت المجازاتِ وأنت بعدُ جنديًا في الجيشِ العربي
هل كان الشابُ مشهور حديثة الجازي يعرفُ أن يومَ بطولتِهِ أتٍ لا محالة؟
أم كنتَ تمضي إليه وأنت تعرفُ طريقَكَ إلى الكرامة
هل أطلقوا على المكانِ َاسم الكرامةِ
لأنَّهم يعرفونَ أنَّكَ ستكونُ هناك
كتبَ الجندي برصاصاتِ بندقيتِهِ، كما الفدائي: كنّا هنا
ولمًا جاءَت لحظةُ الحسمِ
لم تنظر إلى الأفقِ عبرَ النافذة
بل لم تمتلكَ ترفَ التفكرِ في النتائج
فالعدو مدججًا بالطائراتِ والدباباتِ يتقدم
فاستلَ الجنديُ من جعبتِهِ طلقاتٍ كان قد اختارَها بعنايةٍ
طلقاتٌ تقبلُ القسمةَ على ضفتي النهرِ
لم ينظر إلى حساباتِ السياسةِ والجغرافيا
بل كان التاريخُ ديدنَهُ
كان يرسمُ وجهَهُ في ذاكرةِ الأيام
هل كان يعلمُ أنَّه سيتنفسَ أيامًا في الألفيةِ الثالثة؟
بالتأكيد كلا فقد حملَ روحَهُ على كفِّهِ ورمى بها في مهاوي الردى
وردد:Q
إمّا حياةٌ تسرُّ الصديقَ وإمّا مماتٌ يغيظُ العدى
فنفسُ الشريفِ لها غايتانِ ورودُ المنايا ونيلُ المنى
ورددتْ خلفَهُ جبالُ السلطِ
وأقسمّ معْهُ الجنودُ والفدائيونَ
إما النصرُ أو الشهادة
مشهور حديثة الجازي
هل كانت معانُ يومَ ولدّتَ فيها تعرفُ أنّكَ تعشقُ الأردنَ وفلسطينَ أكثر
هل كان الحويطاتُ يعلمونَ أنّ فتاهَم مشهور تنفسَ تاريخَهم الأبي
واحتفظَ برموزِ المعاني تحتَ إبطه حتى تؤلمُهُ إن انتزعَها
وتبقى تنخزُهُ إن لم يَعتّدْ وجعَ القوافي
مشهور حديثة الجازي
أعدتَ وجندُكَ وفدائييكَ إلى الأردنِ وفلسطينَ روحًا كانت النكسةُ هزمتها
فافرحي يا أم البطل
زغردي في العلن
فمن انتصرَ في الكرامةِ
يستحقُ المجدَ وأكثر
إفرح يا حويط في قبرِكَ فحفيدُكَ حفِظَ الدرسَ
ولم ينسَ الرغيفَ والحجر
لمًا فسّرَ جدُكَ أيها اليعربي
الجوعَ في العقبة
كما يوسفُ لمَّا عرّفَ السبعَ السمانِ والأخرى العجاف
مشهور حديثة الجازي
لو لم تكّنْ أنتَ لما كنتَ إلا أنتَ
ولو لم تنتصرَ في الكرامةِ
لكنتَ انتصرتَ في الكرامة
فقد قلتَ كلمتَكَ
لذا نستذكرُكَ يومَ انتصارِكَ وليسَ يومَ مولدِكَ أو يومَ مماتِكَ
فأنت أيها الجازي فضحتَ أسطورةَ جيشٍ ظلوا يرددونَ أنَّه لا يُقهر
وقلت: هو يُقهر وسيقهر
وسيقهر وإن غدًا لناظرِهِ قريب