الرئيسية
أحداث محلية
أحداث اليوم - لم تكن الإعاقة السمعية عائقًا أمام الشاب يوسف خلف أبو ملحم، بل كانت نقطة الانطلاق في رحلة ملهمة، جعلت منه أول دليل سياحي مرخص في الأردن يستخدم لغة الإشارة، متحديًا كل الظروف الصعبة التي رافقت نشأته، بدءًا من وفاة والده قبل ولادته بثلاثة أشهر، ومرورًا بضيق الحال، وليس انتهاءً بنظرة المجتمع.
في العقد الثالث من عمره، يقف يوسف اليوم شامخًا بسيرته المشرقة، حيث حصل على الرخصة الرسمية كدليل سياحي معتمد في 19 موقعًا، بعد اجتيازه دورة تدريبية بدعم من وزارة السياحة والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديره الممتاز فيها.
الرحلة بدأت من رحم المعاناة
نشأ يوسف في كنف والدته الشابة التي كرّست حياتها لتربيته وأشقائه، وحرصت على دمجه في المجتمع وتعليمه في مركز متخصص داخل مخيم سوف. هناك، تعلّم يوسف لغة الإشارة، وبدأت معالم التميّز تتضح في شخصيته.
وقد تأثرت شقيقته رويدة، التي تعاني من إعاقة سمعية جزئية، بإصرار والدتهما، وتعمل اليوم في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية، بينما شقيقاه أشرف ومحمد يعملان في السوق الحرفي والأمن العام على التوالي.
من سوق الحرف إلى السياحة الاحترافية
جاءت فكرة العمل في الإرشاد السياحي حين بدأ يوسف بمرافقة شقيقه في السوق الحرفي، حيث تعلّم صناعة الميداليات والخزف والرسم بالرمل، ومن هناك بدأ يشرح بلغة الإشارة للزوار من ذوي الإعاقة السمعية، مما ولّد بداخله شغفًا حقيقيًا لتطوير هذه المهارة.
وبدعم من مدير في قطاع السياحة آمن بموهبته، بدأ يوسف خطواته نحو الاحتراف، ليصبح اليوم رمزًا للتميز والتفوق، رغم كل الحواجز.
دور مجتمعي لافت واحتضان مؤسسي
يشير نائب رئيس جمعية الأدلاء السياحيين في جرش، بشير المصالحة، إلى أن يوسف يُعد إضافة نوعية للسياحة الأردنية، حيث تعمل الجمعية على التنسيق مع وكلاء سياحة لاستقطاب مجموعات من ذوي الإعاقة السمعية من داخل وخارج الأردن، وترويج اسمه عبر المنصات العالمية.
كما أكّد رئيس بلدية جرش الكبرى، أحمد العتوم، أن يوسف وزميله الآخر من ذوي الإعاقة السمعية ساهما خلال جائحة كورونا بإنتاج فيديوهات توعوية بلغة الإشارة، وكانت بلدية جرش من أوائل المؤسسات الداعمة لجهودهما.
حياة أسرية مستقرة ومجتمع داعم
يعيش يوسف حياة مستقلة تمامًا، ويقود مركبته بنفسه، ويعتني بأسرته المكوّنة من زوجته وطفليه "آدم" و"شوق". ويصفه شقيقه الأكبر بأنه صاحب روح مرحة وشخصية اجتماعية، تحيط به شبكة قوية من الأصدقاء، بينهم العديد من ذوي الإعاقة السمعية.
نموذج للتمكين والإرادة
بالرغم من التحديات، يرى يوسف أن أبرز العقبات التي يواجهها الآن هي نظرة بعض الأدلاء السياحيين التقليديين الذين لم يتقبلوا بعد فكرة وجود دليل سمعي بين صفوفهم. لكنه يواصل المسير بثقة، بدعم من زملاء مثل يوسف زريقات، الذي وصفه بأنه "إضافة نوعية تحتاج لمزيد من الدعم والتنظيم المسبق مع مكاتب السياحة".
وفي ختام حديثه، لم ينسَ يوسف أن يوجّه الامتنان الأكبر لوالدته، التي كانت الحاضنة الحقيقية لحلمه، ومصدر إلهامه الدائم.