الرئيسية مقالات واراء
بين مرحلة وأُخرى يحرص الملك على إجراء سلسلة من اللقاءات مع أعضاء مجلس النواب كتلاً ولجاناً ومكتباً دائماً، وبغض النظر عن مضامين هذه اللقاءات فإن هناك رسالة متجددة يريدها الملك وهي التأكيد على المكانة الدستورية لمؤسسة مجلس النواب وأن يكون المجلس على إطلاع على كل ما يجري، وأن يستمع الملك إلى ما لدى النواب من آراء ووجهات نظر.
وفي كل مرحلة يكون هناك رسالة يريد الملك أن يقولها للمجلس تتعلق بأجندة المرحلة والدور الذي يجب على المجلس القيام به، إضافةً إلى إعادة توجيه بوصلة المجلس التشريعية نحو الأولويات الوطنية سياسياً واقتصادياً، وحتى عندما يلفت الملك أنظار النواب إلى أي قصور في أداء المجلس فإن الغاية المحافظة على صورة المجلس شعبياً فضعف الأداء ينعكس على مكانة مؤسسة المجلس في عيون الأردنيين بغض النظر عن أسماء السادة النواب في كل مجلس.
ومن الواضح أن إصرار الملك منذ بداية عمر هذا المجلس على صورة المجلس كان وراء تأكيده الدائم على إنجاز مدونة السلوك التي لم يتم إنجازها، ليعود الملك في هذه المرحلة ليؤكد على ضرورة إنجاز هذه المدونة التي تضبط الممارسات باتجاه تحسين الأداء والحفاظ على صورة المجلس، وجزء من واجب إدارة المجلس وكتله الذهاب نحو إنجاز هذه المدونة التي تعزز الرقابة الذاتية من المجلس على أدائه.
وَمِمَّا يريده الملك من المجلس في هذه المرحلة توجيه بوصلة الأداء التشريعي نحو أولويات الدولة الإصلاحية التي يتحدث عنها الملك وتقوم على إنجاز قوانين اللامركزية والبلديات وهما في لجان المجلس ومن ثم البدء بقانون الانتخاب الذي من المتوقع أن يرسل للمجلس في الصيف كما أعلنت الحكومة، وهي سلسلة تشريعات غايتها إعطاء قوة دفع لعملية الإصلاح في مؤسسات المشاركة الشعبية وتمثيل الأردنيين بحيث نكون في العام القادم إن شاء الله على موعد مع محطات انتخابية تعيد إنتاج مؤسسات البلديات ومجالس المحافظات ثم مجلس النواب الذي ينتهي عمره الدستوري مع نهاية العام القادم أي بعد ٢٠ شهراً في الحد الأقصى.
هي أجندة سياسية وإصلاحية أردنية لها غايات منها تعزيز مشاركة الأردنيين في صناعة القرار والتأكيد على استمرار عملية الإصلاح، وجزء أساسي من إنجاز هذه الخطوات يتم من خلال مجلس النواب، ولهذا يريد الملك من النواب أن يقوموا بواجبهم في إنجاز هذه الخطوات خلال وقت مناسب، لأن هذه الخطوات الكبرى ستجري في موعدها وكل المؤسسات التنفيذية والتشريعية يجب أن تنجز ماعليها دون أي تأجيل مهما كانت أسبابه.
هذه المتابعة الحثيثة من الملك هي ما أعتدنا عليه لأن الأجندة واضحة في ذهن جلالته، ويتحرك وفق جدول زمني محدد وكلما شاهد أي إعاقة من أي طرف كان حاضراً في إعادة توجيه بوصلة المؤسسات تماماً مثلما كان الأمر دائماً ومثال هذا ما كان من الملك في إدارة ملف الإصلاح في أعوام الربيع وإنجاز الانتخابات النيابية التي أفرزت المجلس الحالي، وفي تلك الفترة غادرت حكومات لم تنجح لضعف أو لقناعات سلبية واستمرت المسيرة وتحققت الأجندة الإصلاحية التي كانت إنجازاً، فالملك يؤمن بالمؤسسات ويحثها على أداء أدوارها ويأمل منها أن تؤدي ماعليها لأنها شريكة في إدارة أمور الدولة.
ننتظر بعد لقاءات الملك مع المجلس أن تتسارع خطوات إنجاز التشريعات ذات الأولوية وأن يؤدي المجلس دوره الإيجابي في تحقيق أولويات الدولة الإصلاحية التشريعية ومنها قانون الانتخاب الذي ينتظر الناس أن يحمل جديداً إيجابياً ضمن ثوابت الدولة وباتجاه مزيد من الإصلاح.