الرئيسية مقالات واراء
سمع أبناء الراي الى من يطالبهم بان يرفعوا السقف وان يطلقوا العنان المهني للصحيفة ، وتصلهم الأصوات حتى من بعض المسؤولين العاملين والسابقين التي تقارن بين الراي وصحف اخرى ، ولعل بعض مايسمعون يصدر من ذات الجهات والأشخاص الذين يحاولون رسم صور لهم بأنهم رموز الحرية الاعلامية من خلال ادعائهم بأنهم لايتدخلون في عمل الراي وغيرها ، والغاية القول ان الراي ومن فيها يمثلون حالة تخلف مهني .
والمهنية هي العنوان لنجاح اي وسيلة إعلام لكن من يحدد معادلة المهنية هي السياسة التحريرية لأي وسيله إعلام التي يصنعها اصحاب الصحيفة او التلفزيون او الإذاعة ....، أضافه الى كفاءة العاملين واجتهادهم ، والراي كما يعلم الجميع في نظر كل الجهات الرسمية صحيفتهم ،مطلوب منها ان تخدمهم وان تغمض العيون عن الأخطاء ، وان تتحاشى النقد حتى الذي تمارسه وسائل إعلام زميلة تعمل تحت سقف ذات الدولة والقانون ، وممنوع عليها بحكم من يملكها حتى المناورة المسموحة للآخرين في التعامل مع بعض انواع الأخبار وانصاف الأخبار ، فحتى لو تأكد للراي مثلا ان الحكومة ستغادر بعد فترة قصيرة فإنها لايمكنها ان تتحدث بلغة صحفية عن احتمالات او مؤشرات لان من سيقرأ الخبر يفترض انه خبر مؤكد بينما يسمح لجهات اخرى ان تتحرك بهامش التوقعات ، والاهم ان ان الحكومة المعنية بالخبر ستغضب وتعتبر الخبر مؤامرة بين الراي ومراكز قوى ، وربما يذكر البعض غضب رئيس وزراء اسبق من مقال انتقد زيارته الى المؤسسة الاستهلاكية بل واتُهم الراي واشتكى على رئيس تحريرها آنذاك لمراجع عليا .
لكن من يعرف الراي يعرف ان فيها الكوادر المؤهلة التي يمكنها ان تقدم الأداء الرفيع ، وان ترسم صورة مختلفة ، لكن هذا يحتاج الى معادلة جديدة لكنها معادلة لاتخرج الراي عن مكانتها صحيفة للدولة تحمل رسالتها ومواقفها وتدافع عنها ، لكنها معادلة تعطيها حقها كصحيفة ان تتعامل مع القضايا التي تخص الناس ويتحدث بها النخب وأهل السياسة وحتى ممارسة انواع النقد الموضوعي التي يتغنى بها بعض المسؤولين في مديحهم لوسائل الاعلام الاخرى ونقدهم للراي .
والمعادلة المطلوبة تحمل أبناء الراي مسؤولية بذل جهد إضافي وتقديم الكثير مما يملكون من قدرات وامكانات ، لكن المحدد الرئيسي هو المعادلة السياسية التي تجعل الراي مسموحا لها ان تتحرك مهنيا في مساحات سياسية وغير سياسية مثلما يتحرك الآخرون .
قد يقول البعض : هل يمنع احد صحفيي الراي من فعل مايريدون ؟ والجواب يعرفه الجميع ، فالرأي لها معادلة جزء منها ما تفتخر به وهو دورها الوطني ودفاعها عن رسالة الدولة ومواقفها الكبرى ، وجزء اخر يتعلق بنظرة الحكومات اليها ، والغضب الذي يأتي بحق ادارة التحرير اذا مارست مهنية في بعض المجالات ، وهو غضب تتم ترجمته مباشرة بموقف قد يذهب بفلان وياتي بغيره او على الأقل يفتح الباب لاشاعات التغيير او أبواب للتحريض .
هل يمكن بالراي ان تظهر بحلة تحريرية جديدة تجعلها تتفوق وتتصدر ، وتوقف أشكال النقد لها الذي يأتيها من المسؤولين بأنواعهم قبل غيرهم ، والجواب سهل ، فالقدرات متوفرة ، والراي الاولى في الانتشار والإعلان ، لكن المعادلة تحتاج الى تغيير ، وأقول معادلتها السياسية التي تحافظ من خلالها على دورها الوطني لكنها تعطيها هامش الحركة الذي تاخذه وسائل الاعلام الخاصة والتي تحظى بالدلال والمديح من أهل القرار ، لكن لو مارست الراي مايمارسه الآخرون ربما ستنال غضبا بدل المديح ، والمعادلة السياسية ستكون كفيلة بدفع أبناء الراي لأداء دورهم بمهنية اكبر تتناسب مع القدرات والكفاءات التي تضمها هذه المؤسسة الوطنية الراسخة .
ربما تكون بعض المراحل فرصة هامة لإجراء مراجعة مفصلية تحتاجها المؤسسات لتحقيق انطلاقات هامة تمكنها من امتلاك القدرة على مواجهة التحديات والتعاطي مع المستجدات التي تفرضها معادلات السوق والتكنولوجيا والسياسة .