الرئيسية مقالات واراء
ما يزال عمدة عمّان، عقل بلتاجي، يخوض المعركة تلو الأخرى، منذ أن تمّ تعيينه في المنصب قبل قرابة عام ونصف العام. وهو يواجه بعواصف غضب نيابية تارة، ومطالب بحجب الثقة، واتهامات له بعدم الاستجابة للنواب، أو بغضب من أعضاء في مجلس "الأمانة"، تارة أخرى، ممن يتحدثون عن "عدم احترام هيبة المجلس"، أو حتى من متضررين من قراراته وسياساته في "الأمانة"، من مثل أصحاب البسطات والأكشاك وغيرهم.
رغم كل ذلك، يبدو الرجل مصمّماً على المضي إلى الأمام في مشروعه، الذي قد أتجرأ وأصفه فعلاً بالإصلاحي والجريء، في مواجهة الاختلالات الكبيرة التي وصلت إليها أحوال العاصمة قبل تسلّمه موقعه؛ وفي عمله الدؤوب لتحسين ظروف الحياة اليومية، والقيام بمشاريع نوعية لمواجهة المشكلات العديدة، أو حتى معالجة المشكلات الكبرى في البنية التحتية.
لا يمكن الزعم بأنّ "الأمين" عالج المشكلات كافّة؛ فهو، في النهاية، لا يملك عصا سحرية، ولا يمكن تصحيح مسارات خاطئة وتراكمات سلبية كبيرة في مدة وجيزة. لكنّ من الإنصاف القول إنّنا نسمع ارتياحاً كبيراً وواسعاً من شريحة اجتماعية عريضة للإنجازات التي تحققت خلال هذه الفترة القصيرة جداً من وجود العاصمة في عهدة هذا الرجل.
يكفي النظر ومقارنة شكوى الناس المريرة قبل أن يأتي من تكدّس أكياس القمامة أمام العمارات والمنازل وفي الأحياء، ما أشعرنا خلالها فعلاً بقلقٍ شديد من تدهور الصورة الجميلة لعمان، التي حافظت عليها وتميّزت بها خلال العقود الماضية، واتصافها بالنظافة والجمال، فكادت هذه الصورة تتهاوى وتستدعي إلى الذهن ما حلّ بعواصم عربية أخرى. إلاّ أنّ "الأمانة" في عهده أعادت نسبة كبيرة من الصورة السابقة، وأنقذتنا من الوصول إلى تلك الحال المقلقة.
لم يستسلم الرجل للضغوط المتتالية؛ النيابية وغير النيابية، لفتح باب التعيينات في "الأمانة" لأسباب وجاهية وسياسية، تلك التعيينات التي أرهقت موازنة "الأمانة" ودمّرت قدراتها البيروقراطية، عبر خلط الصالح بالطالح، والواسطات والمحسوبيات.
اليوم، من يمرّ في أغلب طرق العاصمة يجد ورشة عمل مستمرة، صباح مساء، لإصلاح الأضرار في الشوارع، وتصحيح الأخطاء، بإعادة تأهيل الطرقات والبنية التحتية. كما تجاوزت "الأمانة" أخطاءها وتقصيرها في العاصفة الثلجية الأولى الكبرى، أليكسا، التي جاءت بعد أشهر قليلة من تسلم الرجل موقعه؛ فوجدنا في العواصف الأخيرة تحسناً ملحوظاً في عمل "الأمانة" والتزامها ونشاطها.
تذكرون كم واجه قرار الرجل بإزالة الدوار السابع مقاومة وحملات على "فيسبوك" وفي الإعلام. لكن اليوم، بعد الفرق في أزمة المرور والسير، نجد من يطالب بالقيام بالأمر نفسه مع باقي "الدواوير" أو التقاطعات الأخرى.
مرّة أخرى، ما تزال مهمة الرجل في بدايتها، وما نزال ننتظر تطويراً في العمل البيروقراطي الإداري الداخلي، وفي الخدمات المتعلقة بالمواطنين، إذ نقرأ عن شكاوى عديدة في هذا المجال. وهي مهمة ليست سهلة ولا آنية، بالتأكيد. وما نزال ننتظر مزيداً من المشاريع الجبارة لحل مشكلات المرور والسير في عمّان، ومشاريع أخرى عديدة لتطوير الحدائق والأماكن العامة وترميمها، بخاصة في عمان الشرقية، وإعادة النظر في أنظمة العمارة والبناء التي أكلت وجه عمّان كاملاً، فتحولنا إلى "مدينة إسمنتية"، تستبيح الخصوصيات ولا تترك لنا مساحةً للفضاء والتنفس والتنفيس.
لكن من الضروري هنا أن ندعم الإنجازات التي حدثت خلال هذه الفترة القصيرة، وأن نعاضد الرجل في إصلاح الاختلالات كافة، ومقاومة الضغوط العكسية، وفي العمل معه لتحسين صورة عمان وتطويرها.
في المحصلة؛ الإصلاح ممكن إذا وجدنا مسؤولين جريئين نشيطين فاعلين، ليست لديهم آفة العقول والأيدي المرتجفة.