الرئيسية مقالات واراء
قضايا الاقتصاد والأرقام تحتاج في فهمها وتحليلها إلى أهل الاختصاص، لكن الأمر يخص الناس، لأن الاقتصاد ليس موازنة وبرامج بل رواتب وأسعار كهرباء وغاز وكاز، وحتى المديونية ورغم أنها أرقام رسمية إلا أن تزايدها تجعل المواطن يشعر بالقلق، وتترك انطباعاً عاماً لدى الناس بأن المسار الاقتصادي للحكومة ليس سليماً.
وهذا الانطباع غير المتخصص يتعزز في ظل ما يعيشه الناس منذ سنوات من سياسات تقشفية تفرضها برامج مؤسسات النقد الدولية، والتقشف هنا ليس في مجال السيارات التي يستعملها رئيس الوزراء، أو استعمال الباص في زيارات المحافظة، بل على صعيد وقف التعيينات في أجهزة الحكومة إلا في الحد الأدنى، وأيضاً سياسة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وأيضاً برنامج رفع الدعم عن الكهرباء والذي بدأ منذ عامين ومستمر لسنوات قادمة، وأيضاً غياب الزيادات على الرواتب للعاملين والمتقاعدين في أجهزة الدولة....
اليوم يسمع الأردنيون من أهل السياسة والاقتصاد حديثاً قوياً عن المديونية التي تجاوزت العشرين ملياراً واتهامات للحكومة بأن سياساتها الاقتصادية وراء تزايد المديونية، ويستغرب المواطن العادي أن يكون هذا الارتفاع في المديونية رغم كل الاجراءات من رفع الدعم ووقف التعيينات وعدم زيادة الرواتب، وأيضاً في ظل وجود المنحة الخليجية التي توفر تمويلاً لمشاريع بنية تحتية وغيرها، ويسمع الناس أيضاً من مسؤولين حكوميين ما يؤكد أن المديونية لم ترتفع في عهد الحكومة، وكل هذا يسبب الحيرة ويثير الأسئلة، لأن منطق الأمور أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وفر على الخزينة مئات الملايين، وانخفاض أسعار النفط عالمياً منذ حوالي عام وفر على الخزينة وأيضاً أوقف الدعم النقدي الذي تسلمه المواطن وقيمته المعلنة حوالي ( 300 ) مليون، وأيضا الرفع التدريجي للدعم عن الكهرباء وفر على الحكومة بعض ما كانت تشكو منه مديونية ناتجة عن هذا الدعم، لكن هذا لا ينسجم مع أرقام المديونية التي يسمع عنها الناس وتحولت إلى أداة لانتقاد السياسات الحكومية الاقتصادية.
سنتجاوز النخب وأهل السياسة والاقتصاد إلى الناس غير المختصين وضرورة أن يتم الحديث معهم عن هذا الأمر، إلا إذا كان ارتفاع المديونية رغم كل ما تم من إجراءات قاسية تحملها الناس مؤشر على مسار غير سليم للأداء الاقتصادي، أما إذا كان هناك رأي آخر فمن حق الناس أن يصلهم ويقنعهم.