الرئيسية أحداث دولية
أحداث اليوم -
في اليوم الثامن والعشرين لـ"الحزم" السعودي على اليمن، لم تظهر أي مؤشرات على أن الحرب قد حطت أوزارها بعد، وما كان من المفترض أن يكون اليوم الأول لـ"إعادة الأمل" إلى اليمنيين بعد حوالي شهر من القصف المتواصل الذي قتل وشرد الآلاف من دون تحقيق أي من أهدافه المعلنة، تحول إلى ساعات إضافية من الغارات التي سعت الرياض لأن تكون بمثابة ضربات "موضعية" لمنع تقدم الحوثيين، في تطبيق لما أعلنته ضمن رؤيتها لمرحلة ما بعد "العاصفة".
في المقابل، حددت جماعة "أنصار الله"، التي استمرت اليوم في تقدمها على الأرض في اليمن، شرطها لاستئناف أي حوار يمني داخلي، ألا وهو وقف "العدوان" السعودي، كما اعتبرت أن مخرجات الحوار الوطني واتفاق "السلم والشراكة" التي وقعته الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية في أيلول الماضي هي عناصر متوافرة يسهل الانطلاق منها لحوار كان منعقداً أصلاً، وتعثر بفعل الحرب.
وفيما أعربت العديد من الدول عن ترحيبها بالقرار السعودي ، اعتبرت واشنطن، بالرغم من دعمها "عاصفة الحزم" منذ انطلاقها لوجستياً واستخبارياً، أن الحل العسكري في اليمن غير ممكن، داعية إلى "استئناف غير مشروط لمفاوضات تشمل جميع الأطراف"، وهو ما يتماشى مع الدعوة الإيرانية التي صدرت منذ بداية الأزمة، فيما أكدت موسكو أن تنظيمي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" – "داعش" و"القاعدة" هما أكثر المستفيدين من الضربات الجوية على اليمن.
وتوالت اليوم التصريحات الأميركية المتعلقة باليمن، والمشددة على ضرورة الحوار الذي سيكون لإيران دور في تعزيزه، وكان آخرها اعتبار واشنطن أن " انتقال السعودية من مرحلة التحركات العسكرية في اليمن يتيح الفرصة للمفاوضات".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إريك شولتز للصحافيين إنه "لن يكون هناك حل عسكري للمشاكل في اليمن"، داعياً إلى "استئناف المفاوضات التي تشمل جميع الأطراف".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما دعا إيران إلى المساهمة في التوصل إلى حل سياسي بين مختلف أطراف النزاع في اليمن.
وقال اوباما خلال مقابلة تم بثها مساء أمس على قناة "ام اس ان بي سي" إن واشنطن "أبلغت الجانب الإيراني بضرورة المساهمة بالحل، وبالا يكون جزءاً من المشكلة"، معتبراً أن "ما علينا القيام به هو جمع كل أطراف النزاع حول الطاولة والتوصل إلى حل سياسي".
ولدى سؤاله حول انتشار مجموعة من سفن النقل الإيرانية قرب سواحل اليمن، أشار إلى أن هذه السفن "لا تزال في الوقت الحالي ضمن المياه الدولية"، موضحاً أن بلاده "حذرت طهران من تسليم أسلحة إلى اليمن وهو ما من شأنه أن يهدد الملاحة" في المنطقة.
من جهتها، اعتبرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي برناديت ميهان أن "الشعب اليمني يستحق إجراء نقاش سليم حول دستوره الجديد، ويجب أن يكون بإمكانه المشاركة في اقتراع وطني حر وعادل".
إلى ذلك، اعتبر البيت الأبيض أن الوضع في اليمن "لا يزال غير مستقر، وأن هناك حاجة للكثير من العمل في المنطقة" رغم إعلان انتهاء الحملة العسكرية السعودية.
وقالت مديرة الاتصالات في البيت الأبيض جين بساكي في حديث إلى شبكة "سي أن أن" أنه "من الواضح أن المهمة لم تنجز"، ولكنها كانت حاسمة في تأكيد أن "الحل العسكري لن يجدي نفعاً، فهذه ليست حرباً يمكن خوضها في ساحة المعركة."
وفي مواقف عواصم القرار المعنية أيضاً بالأزمة اليمنية، أكدت طهران، التي كانت رحبت فوراً أمس بإعلان انتهاء الحرب، أنها "بدأت استشارات إقليمية منذ الساعات الأولى" لبدء الغارات على اليمن، من اجل التفاوض على النهاية "الحتمية" للعمليات الجوية التي أعلنت أمس.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم إنه "منذ الساعات الأولى لهذه الضربات، بدأت الجمهورية الإسلامية تحركاتها السياسية واستشاراتها الثنائية على المستوى الديبلوماسي مع دول من المنطقة"، معتبرة أن قرار وقف الحرب "كان حتمياً بنظر المحللين المتابعين للوضع اليمني".
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الخطوة السعودية إيجابية، وحث على إجراء محادثات وتشكيل حكومة جديدة.
وأضاف عبر حسابه على موقع "تويتر" أنه يجب "أن تتبع التطورات الإيجابية في اليمن مساعدات إنسانية عاجلة وحوار ما بين اليمنيين وحكومة ذات قاعدة عريضة، و(نحن) على استعداد للمساعدة."
من جهته، تساءل رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني عن الأهداف التي حققتها الرياض من خلال شن الغارات.
وقال في حديث نقلته وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء: "ماذا حصل في 27 يوماً باستثناء مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة الآلاف وتدمير البنى التحتية فيما سيطر الحوثيون على عدد من المحافظات".
وفي موسكو، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تنظيمي "القاعدة" و"داعش" هما أول المستفيدين من الضربات السعودية على اليمن.
وبالرغم من ترحيبه بإعلان انتهاء "عاصفة الحزم"، قال لافروف أن هذه الحرب أدت إلى احتلال "القاعدة" لمواقع كان الحوثيون قد سيطروا عليها في السابق.
وفي بيان لها، رحبت وزارة الخارجية الروسية بـ"أي خطوة في اتجاه وقف الحرب، ونعبّر في الوقت ذاته عن اعتقادنا بأن وقف العمليات القتالية في اليمن يجب أن يعقبه، من دون إبطاء، استئناف الحوار السياسي الواسع تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق المصالحة الوطنية وتحديد اليمنيين بأنفسهم لسبل تطوُّر دولتهم".
وأكدت الوزارة أن "روسيا ستنشط في مساندة أي جهد يهدف إلى إعادة السلام لليمن الصديق، والمحافظة على وحدة أراضيه وسيادته".
وفي اليمن، وفي أول تعليق لها على إعلان انتهاء "عاصفة الحزم"، طالبت "أنصار الله" بوقف كامل للضربات، وبعد ذلك باستئناف الحوار الوطني "برعاية الأمم المتحدة".
وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في بيان نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "نطالب، وبعد التوقف التام للعدوان الغاشم على اليمن وفك الحصار الشامل على الشعب، وهو لم يحصل حتى الآن، باستئناف الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة من حيث توقف جراء العدوان"، مشيراً إلى أن "مخرجات الحوار الوطني تبقى مرجعية توافقية لاستئناف العملية السياسية، وكذلك اتفاق السلم والشراكة". كما اتهم عبد السلام "إستخبارات إقليمية على رأسها النظام السعودي" بتقديم دعم مالي لتنظيم "القاعدة" في اليمن "تحت غطاء قبلي".
من جهته، رحب الرئيس اليمن السابق علي عبد الله صالح بإعلان انتهاء "عاصفة الحزم"، معرباً عن تطلعه إلى "استئناف الأطراف اليمنية للحوار".
وقال صالح في تعليق على صفحته على موقع "فايسبوك": "كان قرار الضربات والعدوان على اليمن مستنكراً ومرفوضاً، كما أن قرار وقفها وإنهاء العدوان مرحباً به"، آملاً أن يشكل هذا القرار "نهاية تامة لخيارات القوة والعنف وإراقة الدماء وبداية لمراجعة الحسابات وتصحيح الأخطاء وأن يتعاون الجميع للعودة إلى الحوار".
سعودياً، كان كلام سفير المملكة في بريطانيا اليوم لافتاً اليوم من حيث إشارته إلى أن الحرب التي شنتها بلاده ضد اليمن "قد تكون نموذجاً للعمل العربي المشترك في المستقبل".
وكرر الأمير محمد بن نواف الموقف السعودي بأنه "يجب ألا يكون لإيران أي دور في الشؤون اليمنية. إنهم ليسوا جزءاً من العالم العربي"، معتبراً أن "الحملة العسكرية أنهت مفهوم أننا غير قادرين، وأننا لا نملك القدرة على اتخاذ مثل هذه القرارات الصعبة."
وفي إشارة إلى عزم الرياض على التحرك عسكرياً بمعزل عن الدعم الأميركي المباشر، اعتبر السفير السعودي إن "عقيدة أوباما واضحة جداً. هذه صداقة تاريخية ستستمر، لكن يجب أن نثبت وجودنا. ليس فقط السعودية بل الدول العربية. يجب أن يكون ذلك جماعياً".
وإذ أشار إلى أن " الحملة دخلت الآن مرحلة جديدة"، أوضح بن نواف أن "هذا ليس وقفاً لإطلاق النار، وإنما عملية تنتقل من كونها حملة قصف استراتيجي إلى عملية ستدعم وتراقب وتعزز الاتفاق السياسي الجديد الذي يجري التفاوض عليه حالياً استنادا إلى قرار الأمم المتحدة."
وفي إطار هذه المرحلة الجديدة ، من المتوقع أن يصل رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وقائد الجيش راحيل شريف غداً الخميس إلى الرياض لمناقشة الوضع في اليمن، بحسب ما أعلنت السلطات الباكستانية اليوم في ختام اجتماع طارئ في إسلام آباد حول هذه الأزمة.
وجاء في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء الباكستاني بعد اجتماع مع كبار مسؤولي الحكومة والجيش، أن "رئيس الوزراء يرحب بإعلان السعودية تعليق عملياتها للقصف الجوي في اليمن والدخول في مرحلة الحوار السياسي"، موضحاً أن "رئيس الوزراء وقائد الجيش ووزير الدفاع خواجا آصف والمسؤول الثاني في وزارة الخارجية أحمد شودري، سيقومون الخميس بزيارة تستمر يوماً واحداً للسعودية لمناقشة الأزمة اليمنية.
إلى ذلك، وصل نائب الرئيس اليمني ورئيس حكومته خالد بحاح، اليوم إلى العاصمة البحرينية في زيارة تستغرق يومين.
وأوضح بحاح أن زيارته الأولى لمملكة البحرين "تكتسب أهمية بالغة في ظل الظروف التي يعيشها اليمن حاليا"، مشيرا إلى أن اللقاءات الرسمية التي سيجريها خلال زيارته "ستشهد بحث مستقبل القضية اليمنية في اطار عمقها الطبيعي، وهو مجلس التعاون الخليجي"
وتعد هذه أول زيارة خارجية لبحاح منذ تعيينه نائباً لهادي .
وفي ملخص الوضع الميداني، شنت مقاتلات "التحالف" اليوم غارات جديدة على في جنوب اليمن، حيث استمرت المواجهات على الأرض بين الحوثيين والميليشيات المسلحة، لاسيما في عدن.
واستهدفت الغارات مقر اللواء 35 مدرع في شمال تعز الذي تمكنت "أنصار الله" من السيطرة عليه صباح اليوم، كما استهدفت مواقع للجماعة بالقرب من السجن المركزي في جنوب غرب المدينة.
وفي وقت لاحق، أغارت الطائرات على رتل عسكري في بلدة الوهط بين محافظتي لحج وعدن.
من جهتها، ذكرت قناة "الإخبارية" السعودية أن "التحالف" شن خمس غارات جوية على مواقع للحوثيين في جنوب اليمن اليوم.
إلى ذلك، أفرج الحوثيون اليوم عن وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي وعن شقيق الرئيس اليمني المقيم في الرياض عبد ربه منصور هادي، ناصر منصور هادي، وقائد اللواء 119 فيصل رجب، والذين كانوا اعتقلوا من قبلهم بعد مواجهات في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج في جنوب اليمن نهاية آذار الماضي.
من جهتها، رحبت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بانتهاء الضربات الجوية ، واصفة الوضع الإنساني بـ"الكارثي"، ومناشدة بتقديم المزيد من الأموال لتوفير الغذاء والماء إلى 20 ألف أسرة تضررت من الحرب.
وفي سياق منفصل، قتل سبعة عناصر من تنظيم "القاعدة" في غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار يعتقد في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد.
(موقع السفير، أ ف ب، رويترز، "الأناضول")