الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    الرفاعي يرد على النسور

    أحداث اليوم -

    رد رئيس الوزراء الأسبق العين سمير الرفاعي على ما جاء في التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء عبد الله النسور والتي انتقد فيها التنظيرات بالاقتصاد.
    وكان النسور قال إن الأردن يسير اقتصاديا وفق مسار إيجابي، منتقداً "بعض المنظرين الذين يقرأون خطابات كتبها لهم طلبة دراسات عليا".
    من جانبه رد الرفاعي على النسور في محاضرة ألقاها بجامعة الزرقاء الأهلية الأربعاء بالقول "عندما نتحدث في الاقتصاد، فإننا نتحدث عن مستوى حياة الأردنيين، ومستقبل أبنائهم، لا مجرد أرقام يبرع بها طلبة السنة الأولى في تخصص الرياضيات؛ ونتحدث عن ضرورة وطنية، للاعتماد على الذات، وبحيث يكون اقتصادنا القوي سندا لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وعونا لعلمائنا وفقهائنا ولإعلامنا في مجابهة الفكر المتطرف وروح اليأس والإحباط.
    وأضاف "هذا واجب السياسيين والمسؤولين ورجالات الاقتصاد وليس المنظرين! في حين، تنتظر مجتمعاتنا من علمائها وفقهائها ونخبها ومن إعلامها؛ امتلاك القدرة على التأثير ونشر الوعي، وفتح المنابر الاجتماعية للحوار العام، وعدم الاكتفاء بالأنماط التقليدية."

    وتالياً نص الكلمة: " بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والتسليم على النبي العربي الهاشمي الأمين، سيدنا محمد بن عبدالله، وعلى آل بيته وصحبه أجمعين أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة والسعادة، الأساتذة العلماء الأجلاء، الأخوة الكرام ضيوف الأردن، الحضور الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فأتشرف، أن أكون اليوم، مع هذه النخبة من الفقهاء والأساتذة والعلماء وقادة الرأي والمؤسسات الإعلامية والبحثية، في هذا المؤتمر الدولي العلمي، والذي يأتي في الوقت الأنسب، وتحت عنوان، على غاية من الأهمية، وهو "الخطاب الإعلامي التوعوي بين الشريعة والقانون".
    وأرجو، أن تسمحوا لي، بأن أتقدم من عطوفة الأخ العزيز الأستاذ الدكتور محمود الوادي رئيس جامعة الزرقاء، ومن أسرة الجامعة، والأخوة القائمين على التنظيم والإعداد لهذا المؤتمر بجزيل الشكر والتقدير.
    الحضور الكريم، لا يخفى على أحد، حجم التأثير النوعي، لوسائل الإعلام في التوعية.
    بل إن البعد التثقيفي، هو أحد أبرز وظائف الاتصال الجماهيري الدائمة.

    ويعمل الإعلام، على ربط الفرد بثقافته، وبتراثه، لربط حاضر ومستقبل أي أمة بماضيها وتاريخها، كما يلعب دورا رئيسا في رفع الصدام بين الأفكار والاتجاهات إلى مستوى النقاش.
    ومن هنا، فإن الإعلام هو جزء، لا يتجزأ، من ثقافة أي أمة، وهو، بذلك، ليس مجرد سلعة، تخضع لمعايير السوق والربح والخسارة.
    إنه رسالة سامية، جدير بمنْ يتصدر لها، أن يكون على درجة عالية من الكفاءة والأهلية والوعي.
    ونذكر جميعا رواد الإعلام العربي، مطلع القرن العشرين، حيث كانوا هم أنفسهم، رواد عصر النهضة، وقادة التنوير، ولعبوا دورا مهما في انفتاح المسلمين على الحضارات والثقافات الأخرى، وفي التواصل مع العالم وتقديم الوجه المشرق لحضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية.
    واليوم، ومع ثورة الإعلام الالكتروني، ودخولنا عصر إعلام التواصل الاجتماعي، تزداد أهمية الإعلام، كما تزداد خطورته، وتأثيره في عمليات التشبيك والنشر والترويج للأفكار.
    وقد فرضت التحولات الكبرى في عالم الإعلام وصناعته معطيات جديدة، لم تأخذ حقها الكافي من القراءة والتحليل؛ إذ أصبح أي مواطن إعلاميا قادرا على صياغة الرسائل ونشرها.
    وبكل أسف، فإن أكثر منْ استثمر هذه الثورة التكنولوجية الكبيرة، هم دعاة التطرف والفكر التكفيري والذين امتلكوا أدوات الإعلام الحديثة، ووظفوا أحدث تقنياتها، لترويج أكثر الأفكار تخلفا وظلامية.
    وهذه المفارقة العجيبة، تستدعي منا أن نمتلك الجرأة الأدبية لمناقشة واقع إعلامنا الرسمي والتقليدي، والذي يمتلك الأفكار المستنيرة، ولكنه ما زال حتى اللحظة أسير الوسائل القديمة، غير الفاعلة ولا القادرة، اليوم، على حمل رسالة الاعتدال والوسطية، في المجابهة القائمة والتي تأخذ طابعا ثقافيا؛ فهي مجابهة بين النور والظلام، بين الاعتدال والغلو، وبين الطاقة الإيجابية وطاقة أخرى سلبية مدمرة، تنتشر وتتمدد، وتستثمر ظروف الناس الصعبة والأوضاع الاقتصادية وفشل مشاريع التنمية، لتدمير المجتمعات ونسف السلمي الأهلي وتشويه الخطاب الثقافي وتحويله إلى خطاب كراهية وعنف. الحضور الكريم، إن فئة الشباب، هي الفئة الأكثر استهدافا من قبل الفكر الإرهابي، حيث يسعى سماسرة هذه التنظيمات لاستقطاب الشباب، والاستثمار في طاقاتهم، وتوظيف قدراتهم وإمكاناتهم العالية والحديثة، ولكن، لصالح تدمير مستقبلهم، وتحويلهم إلى أدوات في الحرب على أوطانهم ومجتمعاتهم.
    ويترتب على ذلك، أن إعلام الوعي وإعلام التنوير والاعتدال، يجب أن يمتلك القدرة، أيضا، على مخاطبة الشباب، بلغة العصر وأدواته، بعيدا عن الأسلوب التقليدي القائم على التلقين وطرح المسلمات.
    لا بد، لأي جهد إعلامي تنويري، من أن يبدأ من تحديد فئة الشباب كجمهور له، لأن الشباب هم أيضا يمثلون الشريحة الأوسع والأكبر في كل مجتمعاتنا، وهم الطاقة الكبيرة، وهم من سيقودون مستقبل أمتنا.
    أدرك، تماما، أن أي جهد إعلامي تنويري موجه للشباب، يجب أن يوازيه جهد تنموي، وإصلاح اقتصادي يكفل توفير فرص العمل الكريمة واللائقة، وتوسيع الطبقة الوسطى ودعم دورها الرائد في المجتمعات.
    وهذا واجب الحكومات المتعاقبة، بأن تضع البرامج الواضحة القابلة للقياس، وأن تكرس الشراكة مع القطاع الخاص الوطني، ممثلا بغرف الصناعة والتجارة، وأن تحفز الاستثمار النوعي الدائم والمستقر؛ فالإصلاح الاقتصادي القائم على رؤية تنموية، تسعى بكل جد، لخلق شروط أفضل للمستقبل وتبث الروح الإيجابية، هو متطلب أساسي، لتوفير بيئة النجاح لفكر الاعتدال وثقافة الوسطية.
    واليوم، وبعد أن تم إطلاق وثيقة الخطة العشرية، أرجو أن تكون الفرصة مواتية لتصحيح الاختلالات في القوانين والتشريعات التي تم تقديمها وإقرارها، مؤخرا، على نحو غير منسجم، وبعيد عن النظرة الشمولية، التي تربط بين الاقتصاد ومفاهيم ومتطلبات الأمن الاجتماعي والأمن الثقافي.
    وأقصد بذلك، النظرة السياسية الاجتماعية للاقتصاد لا نظرة الرياضيات والجمع والطرح المحاسبي المجرد.
    وهو ما كان يحفزني ومن موقع إحساسي بمسؤولية المواطنة، للتذكير بالمنطق الذي يجدر أن تصدر عنه، ولتحقيق غاياته، قوانين الضريبة، أي؛ المنطق الذي نبه إليه ابن خلدون قبل نحو سبعمئة عام، في حديثه عن الضرائب والجباية.
    وهو ما كان يدعوني لأتوخى الحذر في القراءة، فالقراءة السليمة تعني فهما سليما وإدراكا سليما! وعندما نتحدث في الاقتصاد، فإننا نتحدث عن مستوى حياة الأردنيين، ومستقبل أبنائهم، لا مجرد أرقام يبرع بها طلبة السنة الأولى في تخصص الرياضيات؛ ونتحدث عن ضرورة وطنية، للاعتماد على الذات، وبحيث يكون اقتصادنا القوي سندا لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وعونا لعلمائنا وفقهائنا ولإعلامنا في مجابهة الفكر المتطرف وروح اليأس والإحباط.
    هذا واجب السياسيين والمسؤولين ورجالات الاقتصاد وليس المنظرين! في حين، تنتظر مجتمعاتنا من علمائها وفقهائها ونخبها ومن إعلامها؛ امتلاك القدرة على التأثير ونشر الوعي، وفتح المنابر الاجتماعية للحوار العام، وعدم الاكتفاء بالأنماط التقليدية.
    مثلما يجدر الاهتمام بإصلاح الخطابة على منابرنا؛ فالخطابة وسيلة إعلام وتوجيه مهمة، وذات تأثير كبير، ومباشر.
    ولذلك، يجب أن لا يعتلي المنابر إلا منْ يمتلك الأهلية العلمية والفقهية، ويخاطب العقول والضمائر، متمثلا القيم السامية ومكارم الأخلاق التي يحث عليها ديننا الحنيف.
    الأخوة الكرام، لقد تفضل الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وانطلاقا من رسالة آل البيت الأشراف، بتبني ودعم وتوجيه مجموعة من المبادرات التنويرية، النوعية.
    ولعل أبرزها "رسالة عمان"، والتي جاءت في وقت مبكر، واستشرافا، للخطر الذي داهم أمتنا وأدى خلال الخمس سنوات الماضية إلى تفتيت وحدتها وتدمير مجتمعات عديدة، وتهجير وقتل وتشريد مئات الآلاف. وبكل أسف وحزن، فقد استطاع هذا الخطر الجارف أن يأخذ منحى طائفيا، وأن يهدد بحرب أهلية طائفية خطيرة، قد تستمر، لا قدر الله، لفترة طويلة، ما لم تستعد هذه النخبة من العلماء والمستنيرين وقادة الرأي زمام المبادرة.
    إن "رسالة عمان"، والتي حظيت بدعم ومباركة وتأييد علماء الأمة، ومؤسساتها الدينية، تجرم التكفير، وتعترف بالتنوع المذهبي، كنقطة قوة للأمة، وتحث على الانفتاح والتواصل بين الحضارات.
    وهي جديرة اليوم، أن تكون منطلقا لأي جهد مبارك، يهدف إلى استعادة وحدة الأمة، وتنقية خطابها الفقهي والإعلامي والسياسي، مما علق به من شوائب.
    واسمحوا لي القول هنا، إن "رسالة عمان"، بما تمثله من مبادرة مهمة، وجهد نوعي وخطاب مستنير، لم تأخذ حقها الضروري والملح من الاهتمام والتفاعل والنشر والتوعية.
    ولعلها واحدة من القضايا المهمة التي سيوليها هذا المؤتمر ما تستحقه من البحث والاهتمام، وكيف يمكن تحويلها إلى برنامج عمل وخطة وإلى خطاب إعلامي وثقافي.
    أكرر الشكر لجامعة الزرقاء وللأخوة الحضور، وأتمنى التوفيق والسداد لهذا المؤتمر، ولنقاشاته وأوراقه، بأن تحمل كل مفيد وجديد.
    وأسأل الله عز وجل أن يحفظ الأردن، سيدا، مزدهرا، في ظل ملك الخير، عميد آل البيت الأطهار الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، وأيده بنصر مبين."





    [13-05-2015 03:41 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع