الرئيسية أحداث محلية
أحداث اليوم -
لم يكد يشرع طلبة الصفين السادس والتاسع صباح أمس بتأدية الامتحان التحصيلي الموحد، في جميع مدارس المملكة، بمبحث اللغة العربية، حتى انهالت الاتهامات والتشكيكات بصورة واسعة بين أهالي الطلبة وعبر مواقع التواصل، عن التسرب المسبق لنماذج الأسئلة، وهو ما نفته وزارة التربية والتعليم، بحسب ناطقها الإعلامي وليد الجلاد.
ولم يوقف النفي الرسمي لتسرب الأسئلة بمبحث اللغة العربية أصوات المشككين والمؤكدين لتسرب الأسئلة، بل وتم الحديث بصورة واسعة عن تسرب أسئلة امتحان مبحث اللغة الإنجليزية، المقرر اليوم، وتم التزود بنسخة من نموذج الأسئلة “المزعوم تسربه” منذ يوم أمس.
ويعزز الحديث عن التسرب “المفترض” لنماذج الامتحانات الموحدة التي تجري لأول مرة في المملكة، بعد إقرارها من قبل وزارة التربية والتعليم مؤخرا، صدقية التحذيرات والتحفظات التي تحدث عنها خبراء تربويون من عدم جدوى الامتحان في تحقيق الغايات المرجوة منه، فضلا عن توقع أن يتسبب بانتشار الغش وتسرب الأسئلة وغيرها من تحفظات.
إلى ذلك، شكك مديرو مدارس بقدرة الامتحان التحصيلي الموحد، لطلبة الصفين السادس والتاسع، بعد تجربة تقديم الامتحان الأول به أمس، على تقديم مؤشر دقيق حول مستويات أداء الطلبة، خلافا لهدف وزارة التربية “بتوفير بيانات حول مستوى أداء الطلبة ومدى امتلاكهم للمهارات الأساسية في المباحث”.
ويعزو هؤلاء المديرون ذلك، إلى أكثر من سبب، منها “تراجع الوزارة عن بعض الإجراءات المعلنة سابقا بخصوص الامتحان والمتمثلة بتكليف مشرفين تربويين ورؤساء أقسام في الإشراف عليه ومتابعته في كل مدرسة يطبق فيها”.
ومن ضمن هذه الإجراءات، التي تراجعت الوزارة عنها، بحسب هؤلاء المديرين، جمع دفاتر الإجابات للطلبة في كل مدرسة بمغلف واحد، وتصنيفه بترميز خاص تعتمده المديرية للمدرسة، وإرسالها الى مراكز التصحيح المعتمدة، شريطة تبادل دفاتر الإجابة بين المدارس أو في مراكز التصحيح المتقاربة جغرافيا، دون معرفة اسم المدرسة، بينما تبقى دفاتر المدرسة الواحدة في مغلف واحد، لحين استخراج النتائج، والاكتفاء بأن تكون ورقة الأسئلة من الوزارة فقط.
من جهتهم، أكد بعض أولياء أمور الطلبة، “تساهل بعض المدارس في عملية المراقبة على الامتحان، كي يحصل الطلبة على علامات مرتفعة، ولينعكس ذلك إيجابا على سمعة المدرسة ومدرسيها”.
وقالت مديرة إحدى المدارس الخاصة في عمان “إن مغلفات الامتحان التي تسلمتها أول من أمس، لم يوضع عليها اسم مادة الامتحان، ما اضطرها لفتح جميع المغلفات”.
وأضافت المديرة، التي فضلت عدم نشر اسمها، “ان الورقة الامتحانية كانت خالية من المدة الزمنية للامتحان، ما تسبب بفوضى بين الطلبة، بعد اتصال هاتفي من الوزارة، أفاد بأن مدة الامتحان ساعة”، مشيرة إلى أن الوزارة “لم تصدر أي تعليمات بخصوص طلبة الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم بخصوص المدة الزمنية”.
ولفتت إلى أن الامتحان بطريقته الحالية يقيس مستوى الطالب في الحفظ، كونه من المنهاج المقرر، وأن النص هو نفسه الموجود في الكتاب، والأجدى “ان يقيس الامتحان قدرة الطالب على الاستيعاب والفهم وتنمية قدرته على التحليل وليس الحفظ”، بحسب ما قالت مديرة المدرسة.
بدوره، أكد مدير إحدى المدارس الخاصة في منطقة المدينة الرياضية، ان آليات تنفيذ الامتحان “لن تعطي المؤشر الحقيقي لأداء الطلبة لعدم وجود مشرفين على الامتحان من قبل الوزارة في المدارس”.
وبين المدير، الذي فضل أيضا عدم نشر اسمه، لـ”الغد” أمس، ان الامتحان راعى الفروقات الفردية بين الطلبة، وأن الأسئلة غطت المنهاج، متوقعا أن يكون “حدث تسريب للأسئلة لا سيما وأن أوراق الامتحانات كانت موضوعة بمغلفات عادية، وليست مغلفات محكمة الإغلاق، على غرار مغلفات اوراق امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)”.
مدير مدرسة خاصة أخرى، في عمان الغربية، أشار الى ان تسليم مهام المراقبة والتصحيح للمدارس “يضع علامات استفهام كثيرة حول سير الامتحان بالمدارس”، موضحا ان الهدف الحقيقي من الامتحان كان سيتحقق “لو بقيت الإجراءات كما اعلنتها الوزارة، ولأعطى مؤشرات حقيقية وصحيحة تساهم في وضع خطط سليمة ومعالجة جوانب القصور في مختلف جوانب التعليم”.
كما اعتبرت مديرة احدى المدارس الحكومية في عمان ان تراجع الوزارة عن الاجراءات السابقة لعقد الامتحان والتي كانت مشابهة لإجراءات امتحان (التوجيهي) من حيث المراقبة والتصحيح “ستعطي نتائج غير دقيقة”، وعلى غير ما ترغب الوزارة.
وأشارت المديرة نفسها، والتي فضلت ايضا عدم نشر اسمها، الى ان الكلفة المالية لإجراءات الامتحان التحصيلي التي أعلنت عنها الوزارة سابقا، هي سبب رئيس في تراجعها عن هذه الإجراءات، لاسيما مع اقتراب موعد امتحانات (التوجيهي) مع أعبائه المالية على الوزارة.
ولفتت المديرة إلى أن الامتحان كتجربة أولى “يعد جيدا”، الأمر الذي جعل الطلبة والمعلمين يهتمون أكثر بالمواد الممتحن بها.
بدوره، قال مدير إحدى المدارس الحكومية إن اسئلة الامتحان كانت “سهلة وراعت مستويات الطلبة”، وان المعلمين “بعد إغلاق اسم الطالب قاموا بتصحيح الإجابات، ومن خلال مشاهدتي كانت هناك علامات مرتفعة للطلبة وآلية الامتحان جديدة على الطلبة والمعلمين، كون الأسئلة من الوزارة، ولكنها تشبه الآلية المتبعة في امتحان التوجيهي وستعكس أداء الطلبة الحقيقي”.
من جهته، قال الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم وليد الجلاد، إن الوزارة “رصدت أكثر من نموذج للامتحان التحصيلي الموحد، والتي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تم التحقق منها جميعها، وتبين أنها غير صحيحة”، وذلك في رده على ما راج من تشكيك واسع بتسريب أسئلة امتحان اللغة العربية للصفين.
وقال الجلاد إن الهدف من الامتحان “ليس نجاح أو رسوب الطالب، وإنما المساعدة في تكوين صورة صادقة عن مدى تحقق الأهداف التعليمية في كل صف ومبحث”، سواء على مستوى المدرسة أو المديرية، ما يوفر للوزارة قاعدة بيانات موثوقة تسهم باتخاذ القرارات المناسبة.
وسيوفر الامتحان، بحسب الجلاد، بيانات حول مستوى أداء الطلبة ودرجة امتلاكهم للمهارات الأساسية في المباحث المختلفة، وأساليب التدريس ومعرفة مدى كفايات المعلمين في مهارات التدريس، وحاجاتهم للتدريب والتنمية المهنية، وقياس نتاجات التعلم وجودة التعليم وتزويد الطلبة وأولياء أمورهم، بمدى إتقانهم للتعلم، وتساعد بوضع الخطط السليمة، ومعالجة جوانب القصور في مختلف جوانب التعليم.
وأضاف أن الامتحان جرى على غرار الامتحان المدرسي العادي، نافيا “ما تم تداوله عن استنساخ إجراءات التوجيهي في الامتحان التحصيلي”.
وكانت رئيسة لجنة الاختبارات التحصيلية بالوزارة الدكتورة صباح النوايسة قالت في تصريحات سابقة لـ”الغد” إن لجنة مختصة من المشرفين ستقوم بأخذ عينة من أوراق اجابات الطلبة، للتأكد من “الدقة والمصداقية خلال عملية التصحيح ورصد العلامات”.
وأوضحت أنه في حال ثبت وجود أي خلل في تصحيح الأوراق من قبل اللجنة المختصة بالتدقيق، فإنه “سيتم مساءلة المعلمين المراقبين والمصححين وإدارة المدرسة وسيتم إعادة تصحيح أوراق المدرسة من قبل معلمين آخرين”.(الغد)