الرئيسية أحداث محلية
أحداث اليوم -
تزدحم العديد من المقاهي بالمراهقين “الشباب والفتيات” لساعات عدة ولأوقات متأخرة من الليل، ولعل هذه الفئة هي الأكثر سهولة في السيطرة على عقولها، فأحدهم لا يدخن، لكن يدفعه الفضول ومجاراة أصدقائه المدخنين إلى تقليدهم، فيعجبه الأمر ويعتاد تدخين “الأرجيلة” في المقهى والسيجارة خارجه.
أما الأهالي فهم في حيرة في ارتياد أبنائهم للمقاهي، فمنهم يعتقد بأنه سلوك اعتيادي عصري، وبعضهم يتذرع بأن المقاهي هي السبب في جذب هؤلاء المراهقين، وآخر يرفض وبشكل قاطع هذا الأمر، ويرجع السبب الحقيقي له إلى غياب رقابة الأهل وإهمالهم.
واعتادت رنا (15 عاما) الخروج برفقة صديقاتها المقربات لأحد المقاهي في عطلة نهاية الأسبوع، بعد تمكنها من إقناع والديها بإيجابية هذه الوسيلة في التسلية والترفيه عن النفس، مؤكدة علمهما باسم المقهى المقصود زيارته ومكانه.
تقول رنا “نقضي أوقاتا جميلة في المقهى، نكسر الروتين اليومي للدراسة والملل الذي نشعر به في معظم الأوقات، وفي العطلة الصيفية يمكننا الخروج أكثر من مرة بالأسبوع، كما أنني أرتاد المقهى برفقة عائلتي أيضا، ولا أرى في ارتياد المقهى سببا لخوف وقلق الأهل تجاه أبنائهم، كما أنه لا يتنافى مع التربية والأخلاق، فنحن نقضي وقتا جميلا، ويمكننا تمييز الخطأ والصواب في حياتنا”.
ويقول سامر النحاس (14 عاما) “إن المقاهي أصبحت لي ولأصدقائي بمثابة البيت الثاني” ووسيلة للترفيه، وارتيادها حق من حقوق الشباب التي تسمح لهم بقضاء وقت ممتع برفقة أصدقائهم ينقضي غالبا بالمزاح والضحك، لا سيما بوجود “الأرجيلة”، إلى جانب الاستمتاع بمشاهدة الفيديو كليبات والمباريات التي تعرض على الشاشة”.
ويعرب الأربعيني أبو جمال (والد أحد الشبان المراهقين) عن استيائه من ولع الشباب بالمقاهي، قائلا “إن أولادنا ينعتوننا بالتخلف إذا منعناهم من الذهاب إلى المقاهي ويحاولون إقناعنا بمزاياه وبأن الجميع يقبلون عليه، ورغم أنني مع مواكبة العصر والتطور، ولكن بشرط أن يخدم الإنسان وليس كما يحدث داخل أغلب المقاهي المنتشرة، فما الضمانات بأن ابني لن يتعلم سلوكيات سلبية عدة أولها تدخين السيجارة و(الأرجيلة).
وتساءل الخمسيني أبو مراد عن دور ورقابة الأهل لأبنائهم في ارتياد هذه المقاهي، بقوله “في وقت متأخر وتحديدا الساعة الحادية عشرة ليلا وأثناء مروري أمام أحد المقاهي استوقفني مشهد شباب وفتيات يجلسون بهذا الوقت في المقهى يدخنون “الأرجيلة” و”السجائر”، مما يدعو للأسف والانزعاج”.
يتابع “لدي أبناء بسن المراهقة، وأحرص وزوجتي دائما على مراقبتهم وحوارهم بشؤونهم الخاصة واهتماماتهم، فهناك وسائل عدة للتسلية والترفيه يمكن لأبنائنا تطبيقها بحيث لا تتنافى مع السلوكيات الايجابية”.
ربة المنزل ريهام (أم فتاة بسن المراهقة)، تقول “أصبحت المقاهي موضة، وإذا منعنا أبناءنا يلجأون للكذب للذهاب إليها، والخطورة الكبيرة عندما يضطرون إلى مخالطة الفتيات الأخريات وتعلم عادات سيئة كالألفاظ النابية أو التأخر الدراسي”.
وتضيف “بالواقع لا أمنع ابنتي من الذهاب للمقهى برفقة صديقاتها، ولكني ألقي عليها الوصايا العشر قبل خروجها، فهذه السن تحتاج للمجاراة وليس الحزم والمنع”.
وحول هذا الموضوع، تقول التربوية د. أمل بورشك “يرتاد المراهقون المقاهي للاستمتاع والترفيه عن النفس في زمن أصبح فيه هناك إقبال شديد عليها، لكنها للأسف مضرة بالصحة ومضيعة للوقت، ولكن للأسف على ما يبدو نشأ جيل له فكره الخاص في رغبته الشديدة في ارتيادها والتسامر وبتشجيع من الأهل والأصدقاء”.
وتضيف “التأخر في الليل هو بداية الدخول في إفساد الحياة الصحية للإنسان، فالتأخر في السهر يعقبه نوم الى ساعات متأخرة من النهار ويغيب الفرد عن أي مشاركة فاعلة في الحياة الأسرية فضلا عن الأضرار الصحية”.
وتذهب الى أن هناك تغيرا في قوة ممارسة الأسرة لدورها الرقابي، وفق بورشك، وما المراهقون إلا نماذج لهذه الأسر الداعمة في حرية غير منطقية لهم في هذا العمر المبكر من حياتهم، وهناك انشقاق في الرأي في الأسر بين معارض ومؤيد لهذا السلوك والمراهقون يميلون الى من يدعم حريتهم.
وتقول بورشك “هذه ليست حرية، هي سلوك أو طفرة ظهرت في المجتمعات لأسباب اقتصادية بحتة؛ فالتذبذب بين الثراء والفقر ولد مراهقين يعانون من الرفاه وقلة التوجيه ورغبتهم في الهروب وراء أحلامهم في مثل هذه الأماكن والتي أصبحت متاحة بأسعار منافسة، وهي ممارسة في المنازل، ولكن الآن أصبحت تشكل استثمارا مدرا للمال، مما أسهم في تسويقها وانتشارها لدى الجميع”.
وتعقب “هي ليست أي نوع من أنواع الحريات من وجهة نظري التربوية بل هي سلوك مكتسب نتيجة ظروف اجتماعية متنوعة بسبب سهولة التواصل وانتقال الفكر من وإلى العالم وهي مضيعة للوقت”، كما أن الحرية تكون فيما يعود بالنفع على الفرد باستثمار أفضل للوقت والمال والجسد.
وتذكر سلبيات ارتياد هذه المقاهي منها، استنزاف المال من أجل التواجد فيها، أصدقاء السوء والتي تتيح مجالا للدخان وأحيانا المشروبات الكحولية والمخدرات والمهلوسات وخاصة مع ضعف قوة الأسرة المتنامي في هذا العصر، ولا يمكن لأحد ردع المراهقين بسهولة عن ارتياد المقاهي، وأيضا عدم متابعة الواجبات المنزلية أو الاجتماعية أو ممارسة الحياة الصحية.
ويلفت الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي، إلى أن حب الشباب للالتقاء مع بعضهم بعضا خارج أسوار البيوت وممارستهم للحرية التي تتوافق مع روح الشباب وتجمع أكبر عدد ممكن للأصدقاء وقتل الفراغ هو السبب الرئيس لارتياد الشباب للمقاهي.
ويقول “المقهى بالنسبة للشباب متنفس لهم لتمضية أوقات الفراغ والتسلية والتعرف على صداقات جديدة لفئة الشباب، وفي المقهى نجد الصديق ونجد أدوات ووسائل التسلية وأيضا شاشات عرض تلفزيونية لمتابعة المباريات الرياضية أو الأحداث السياسية، وأيضا شرب الأرجيلة والتدخين، وخاصة وجود فئة من الشباب يدخنون بدون معرفة الأهل”.
يبقى الجانب السلبي في عدم متابعة الأهل للأبناء وجلوس الشباب لأوقات متأخرة، وفق الخزاعي، وهذا سلوك سلبي، والسلوك السلبي الآخر يتمثل في التكلفة المالية والمصاريف التي يتكبدها الأهل وأيضا في عدم متابعة الدراسة أو التحضير للامتحانات.
وينصح الخزاعي الأهل بمتابعة الأبناء والتعرف على أصدقائهم وإشراكهم في الأعمال المنزلية وتوجيههم بعدم البقاء في المقاهي لساعات طويلة.