الرئيسية مقالات واراء
بمقتل الشقيقين أبودية، خلال محاولة قوات الأمن إلقاء القبض عليهما مع مطلوب ثالث، في معان أول من أمس، يكون أربعة من أفراد الأسرة المذكورة قد قضوا في مواجهات مع قوات الأمن، فيما الشقيق الخامس في حالة عجز كامل جراء إصابة بعيار ناري.
نهاية مأساوية لعائلة أردنية، لم يكن أحد يرغب في الوصول إليها.
الأسئلة الذي تقفز إلى أذهان المسؤولين والمعنيين في معان اليوم؛ هل هذه نهاية الأزمة في المدينة؟ هل طوينا قائمة المطلوبين، أم أن في جعبة الأجهزة المزيد من الأسماء؟ ما الذي ينبغي على السلطات فعله، لتجنب المزيد من المواجهات في معان؟
الأطراف كافة، بما فيها شخصيات المدينة، تأمل أن تكون العملية الأمنية الأخيرة هي نهاية مسلسل الحوادث المؤسفة في معان. ما من أحد يريد أن يكون تطبيق القانون بهذه الكلفة. لو تعاون أهل المطلوبين منذ البداية، لما وصلنا إلى هذه النهاية.
رئيس بلدية معان السيد ماجد الشراري، ألقى باللوم على شخصيات لم يسمها، قال إنها حرضت المطلوبين على عدم تسليم أنفسهم، رغبة في تأزيم الموقف في معان خدمة لمصالحهم الشخصية.
ربما يكون هذا صحيحا، لكنّ هناك أطرافا رسمية ومحلية تتحمل مسؤولية تاريخية عما آلت إليه الأوضاع الأمنية في معان خلال السنوات الماضية.
وفي هذا الصدد، يؤكد مسؤولون في الدولة أن بعضا من أصحاب القرار الأمني والإداري السابقين في معان، يتحملون جانبا من المسؤولية.
في المقابل، تبقى السردية التاريخية عن أزمة المحافظة حاضرة بقوة في المشهد؛ غياب الحلول لمشاكل السكان الاقتصادية والمعيشية، وافتقار المدينة للمشاريع التنموية والخدمية، وما ينجم عن ذلك من بطالة وفقر، أكدتها تقارير حديثة.
ما نود قوله هنا أن الجهات الحكومية أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر إلماما وخبرة بظروف معان ومشاكلها. وأهل معان وقادة المجتمع المحلي فيها، صاروا على قناعة بأن خلاص المدينة لا يكون إلا باحترام سلطة القانون، والتعاون مع الأجهزة الرسمية، لاحتواء المشكلات، وحلها وفق القانون، من دون تسويات خارج سلطة المؤسسات ومن وراء ظهرها، كما حصل من قبل.
ثمة توجهات رسمية مبشرة بخصوص معان، تهدف إلى تحسين الواقع الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة الناس عبر مشاريع ريادية يجري بحثها. إذا كان وجهاء المدينة جادين في سعيهم إلى طي ملف التأزيم، فإنه ينبغي عليهم ملاحقة الحكومة لتنفيذ وعودها، والانخراط في جهد مشترك لتحسين واقع المحافظة، بدلا من الانشغال في إطفاء الحرائق هنا وهناك.
لا يمكن للتنمية، في أي مكان، أن تخطو إلى الأمام إذا لم تتوفر عوامل الاستقرار والأمن واحترام سلطة القانون.
ويتعين على أجهزة الدولة أن تقود، وعلى الفور، مبادرات جدية للتواصل مع جميع مكونات المدينة، وبعث الأمل في نفوس المحبطين، بمستقبل أفضل. ما نخشاه أن يدير المسؤولون ظهورهم لمعان بعد ما حصل، واعتبار المشكلة منتهية بمقتل المطلوبين، كما كان يحصل من قبل.
أزمة معان ما تزال مفتوحة، وملفها لم يُطوَ بعد. هناك عمل كثير ينبغي إنجازه قبل أن نقول إن معان تعافت.