الرئيسية أحداث دولية
أحداث اليوم -
لا ينفك الفلسطينيون يحاولون بشتى الطرق إثبات حقهم في أراضيهم المحتلة، حيث قام مجموعة من الشبان والفتية الفلسطينيين ممّن حرمهم الاحتلال الإسرائيلي من دخول مدينة القدس المحتلة، إما لأسباب يدّعي أنها "أمنية" أو لأخرى تتعلّق بمزاجيته، ببناء سلالم خشبية تمكّنهم من تسلّق الجدار العازل "بارتفاع 9 أمتار"، والعبور إلى مدينة القدس، مؤكدين على أنها حق خالص لهم ودخولها لا يستدعي طلب إذن الاحتلال، بل يتم بمنطق الـ "خاوة"، على حد تعبيرهم.
قصة محمد
"محمد" هو اسم وهمي لأحد الشبان الذين مُنعوا من دخول المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك، لكون عمره لم يتجاوز الـ 25 ربيعاً، في حين قيّدت سلطات الاحتلال من دخول المصلين الرجال ممّن تقل أعمارهم عن الـ 40 عاماً.
يقول محمد في حديث مع "قدس برس"، "نعم دخلت المدينة المقدسة خاوة (عنوة)، لم أكن أعلم أن الشبان سيتجرأون على ذلك، فالقيود كانت هائلة، لكن بفضل الله تسلقنا الجدار وكانت بعض الأسلاك الشائكة مقطعة من قبل، ولم يكن الأمر بالبساطة التي اعتقدتها، فالجدار عالٍ جداً ويمكن أن تقع عن السلم فتُكسر يدك أو رجلك، لكن الله سلّم، وعند وصولنا الناحية الأخرى طرنا إلى القدس عبر سيارات خاصة وبعضنا بالحافلات التي نقلتنا إلى المدينة"، وفق تعبيره.
ويضيف "كم كنت مشتاقاً لها، مشيت في شوارع القدس وأزقة البلدة القديمة، رغم تواجد أعداد كبيرة من ضباط وشرطة الاحتلال الذين كانوا يطلبون البطاقات ممن يشتبهون به فيضيقون على المصلين، وجنود بأعداد هائلة في كل مكان، لكن من يريد الوصول إلى الأقصى لا تمنعه أي عوائق"، حسبما قال.
ويتابع محمد من مخيم قلنديا شمال القدس، "وصلت وقبّلت تراب الأقصى، وأخيراً تحقق حلمي في لقياه والصلاة فيه، والدعاء لجميع أحبتي في سجون الاحتلال، وهم أكثر حاجة للدعاء في هذا المكان الطاهر، لربما هي ١٠ سنوات أو أكثر وأنا بعيد عن القدس وأُمنع بأمر الاحتلال، وآن الأوان لدخولها متى شئنا نحن، وليس كما شاؤوا".
جنود مجهولون
لا يخفي الشبان الفلسطينيون دور وفضل من أسموهم "الجنود المجهولين" في تلك العملية، مشيرين إلى أن هؤلاء هم من العائلات التي تقطن بمحاذاة الجدار العازل ويتواجدون في منازلهم على النوافذ والشرفات ويشاهدون بشكل مباشر عملية تسلقهم وعبورهم للجدار.
تقول إحدى المواطنات التي لا يبعد منزلها عن الجدار سوى عدة أمتار، "عندما سكنت منزلي كنت أخاف من هذه الخطوة، كونها خطرة على الشبان، وقد تؤدي بحياة أحدهم إن قام الجنود بإطلاق النار عليهم، لكن بعد مدة قصيرة، أصبحت أساعدهم في استكشاف المنطقة ومعرفة أماكن تواجد الجنود، وعن طريق بعض الإيماءات يفهمون الوضع تماماً".
وأضافت "أجمل اللحظات هي ضحكات هؤلاء الشبان حالما يصلون الناحية الأخرى دون مشاكل أو استهداف من قبل الاحتلال، فيسرعون إلى محطات الحافلات لتقلّهم إلى القدس والمسجد الأقصى للصلاة"، مشيرة إلى أن العديد من الشبان الذين حاولوا تسلق الجدار في الأيام السابقة، تعرّضوا لإصابات أو كسور بسبب السرعة التي يتطلبها ما يقومون به خشية انكشاف أمرهم من قبل جنود الاحتلال واستهدافهم.
منطق طبيعي وعادل
يقول الناشط المقدسي خالد الحسيني لـ"قدس برس"، "إن ما يفعله الشبان وما فعلوه اليوم هو المنطق الطبيعي والعادل، فالذي يُعنى بحقه في العيش بمدينة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، فسيأتي من فوق الأرض ومن تحت الأرض وبكل الوسائل سيصل، لأن لا حدود لعزيمته وإيمانه بحقوقه، فكما يمكن لعمال الضفة الغربية الوصول إلى الخط الأخضر بدون تصاريح، فإن من يريد الصلاة في الأقصى أيضاً يستطيع الوصول إلى هدفه وحقه".
ويؤكد الحسيني "الصلاة في الأقصى من حقنا، وعلينا عدم انتظار التصاريح من الاحتلال، ومن يضع هدفاً للوصول فإنه سيصل بأمر الله، ولو وضعوا ليس جداراً واحداً بل لو وضعوا المئات ونشروا عليها كل جيشهم، فإرادة هذا الشعب لن تنكسر، وسيصلون، وهذا ما سيضع حداً لممارسات الاحتلال ضد شعبنا والمساس بحقوقنا"، حسب وصفه.
وفي حادثة صغيرة لفتت الانتباه في صلاة أمس الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك، هي ضبط جنود الاحتلال الإسرائيلي لأطفال ذكور تنكّروا بألبسة الصلاة الخاصة بالنساء، في محاولة لدخول الأقصى والصلاة في باحاته، فيما ظهرت صور هؤلاء الأطفال مبتسمين لحظة اكتشاف أمرهم، فرحين بما حققوه من إنجاز رغماً عن الاحتلال.