الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
تعطلت حياة الموصليين منذ سيطرة تنظيم "الدولة" على مدينتهم في يونيو/ حزيران من العام 2014، فلم تعد هناك وظائف ولا نشاطات يومية تغير رتابة الحياة لدى سكان المدينة، وأغلبهم من الموظفين، أما أصحاب المهن الحرفية، فبات الجلوس في محالهم وانتظار الفرج سمة يومية لحياتهم.
وللخروج من ملل الحياة وتضييع الوقت الذي يمر ببطء تحت حكم "الدولة"، أصبح التلفاز والإنترنت "إن وجد" نافذة الموصلي لمتابعة الحياة في عام 2015، حيث يرى السكان أنهم يعيشون حياة 1400 سنة إلى الوراء.
ولم يكن التلفاز جديد المتابعة في الموصل، فالمدينة التي يسكنها قرابة 3 ملايين نسمة، اعتاد سكانها على قلة التنزه إلا في الإجازات، والتركيز على الزيارات وصلة الأرحام، وبخاصة في شهر رمضان، وبالطبع يكون التلفاز شريكاً في كل جلسة عائلية.
لكن الحال بعد سيطرة تنظيم "الدولة" بات مختلفاً، فقد شكل انقطاع الكهرباء شبه الدائم معضلة أمام متابعة آخر أحداث الساعة، وعاد المذياع عنصراً رئيساً في حياة السكان، حتى إن تنظيم "الدولة" اعتمد إذاعة "البيان" كناطقة رسمية باسمه، تبث تعاليمه وقوانينه الجديدة، ودروسه الدينية الهادفة لإقناع المستمعين بضرورة وجوده.
وبالطبع، لم يقتنع السكان بجدوى المذياع وحياة العقود القديمة، فساعدهم في ذلك وجود المولدات الكهربائية الأهلية، التي توزع الكهرباء مقابل أسعار عالية، بكمية تسد حاجة المنازل (بشكل متقطع أيضاً) لتشغيل بعض الأدوات الكهربائية وعلى رأسها "التلفاز".
ومع دخول رمضان الثاني تحت حكم "الدولة"، لاحظ الصائمون في المدينة الفرق بين رمضاناتهم الماضية، المليئة بالزيارات والفعاليات المسائية (التعلولة) مع الجيران أو الأقارب. ورمضانهم الحالي المليء بالترقب والمخاوف، وبدأ التلفزيون يسيطر على حياة سكان المدينة أكثر، رجالاً ونساءً وأطفالاً، حيث لا عمل للرجال ولا مدارس وامتحانات للأطفال.
وحظيت المسلسلات الرمضانية باهتمام السكان وسيطرت على أوقاتهم، ومع الكم الهائل من الإنتاجات الرمضانية إلا أن الموصليين، وبالإضافة إلى العبادات وبرامج الوعظ، وجدوا وقتاً لمشاهدة أغلب ما يعرض من مسلسلات في يومهم الرمضاني الطويل.
وكما في كل عام، وفي أغلب البلدان، يحظى مسلسل "باب الحارة"، الذي يعرض جزؤه السابع هذه السنة، باهتمام العوائل الموصلية، حيث تأخذهم قصصه ومشاكله الاجتماعية البسيطة بعيداً عن تعقيد "الدولة" وقوانينها المتشددة.
إلا أن لما يعرف بـ "ديوان الحسبة"، وهو هيئة لـ "الأمر بالمعروف"، كما يقول التنظيم، رأياً آخر، حيث اعتقل عناصرها أحد أصحاب المحال التجارية في منطقة الزهور في الجانب الأيسر من المدينة، بسبب مشاهدته لمسلسل "باب الحارة" على تلفاز معلق داخل محله.
الحادث استغرب منه شهود العيان وجيران صاحب المحل، حيث ذكر أحد الشهود أنه كان يتبضع بعض الحاجيات من السوق بعد صلاة التراويح، وشاهد عناصر الحسبة تقود أحد الشباب من محله وسط سوق الزهور، وأغلقوا المحل وهم يصرخون فيه: "باب الحارة يا فاسق؟ في رمضان".
وأضاف أنه لم يكمل تبضعه وأسرع للبيت خشية اعتقاله بتهمة غريبة أخرى.
وكنوع جديد من إلصاق التهم، عمد عناصر "ديوان الحسبة" إلى اعتراض الشباب في المدينة؛ لسؤالهم: "نحن في أي يوم من رمضان؟"، وتكون عقوبة السجن ثم العرض على القاضي الشرعي بانتظاره، لينقل إلى مرحلة العقاب بالجلد أو دفع الغرامة، ما اعتبره الأهالي ابتزازاً من نوع جديد.