أحداث اليوم -

هي المرة العشرون التي يبقى فيها ذلك الكرسي على مائدة عائلة الأسير الأردني رأفت العسعوس، فارغا، وممتلئا بأمنيات وأدعية لا تتوقف من والدته، بأن تكون هذه المرة هي الأخيرة قبل أن تكحل عينيها بمرآه في شهر رمضان المقبل.

عشرون عاما مضت على اعتقال العسعوس، وعشرون رمضان يمر على أهله، حاملا معه حسرة أم ووجع أخت واشتياق عائلة لفرد ما يزال مكانه خاليا، وذكرياته تملأ المكان.

"ما زلت حتى اليوم أحسب حساب رأفت على مائدة الطعام في رمضان"، تقول والدته، وهي تحاول أن تخفي دموعها خلال حديثها مع محاولة التعبير عن غصة مريرة في قلبها، كلما تذكرت حرمانها من رؤية ابنها في حضنها وأحضان عائلته، بل ومحرومة أيضا من ملء عينيها المحتقنتين بغيابه حتى وهو خلف قضبان معتقلات الاحتلال الصهيوني.

"لكن ليس باليد حيلة تستطرد والدة العسعوس، غير الدعاء والتمني بلقاء ابنها، وكذلك لبقية أهالي الأسرى الأردنيين، خصوصا بعد "تضاؤل الآمال بأن تحقق الحكومة لهم زيارة أبنائهم، على الرغم من أن الزيارة حق مشروع".

ولا تختلف قصة والدة العسعوس عن قصص باقي أمهات 26 أسيرا أردنيا قابعين في معتقلات الاحتلال.

فوالدة الأسير مرعي أبو سعيدة محرومة هي الأخرى من رؤية ابنها منذ 11 عاما، وتنظر إلى كرسي ولدها الفارغ في الشهر المبارك، متمنية أن تحتفل في رمضان المقبل بعودة ولدها مرعي ليملأ مقعده كما كان قبل أعوام خلت.

وتوجه والدة أبو سعيدة رسالة للأسرى  قائلة لهم "اصبروا ولا تقنطوا من رحمة الله"، ذلك أن إيمانها بالله كبير، وفق ما يتكرر في حديثها، وبأن "ما بعد الضيق إلا الفرج"، علما أنها تتمنى الفرج لابنها ولكافة الأسرى، و"للمسرى" أيضا.

أما والدة صاحب أطول حكم في التاريخ، البالغ 69 مؤبدا، الأسير عبد الله البرغوثي، فتتمنى أن يكون ابنها في حضنها ليس بشهر رمضان فقط بل في كل يوم، أو على أقل تقدير أن تراه ولو من خلف القضبان، داعية الله أن يحقق لها ولكل أهالي الأسرى حق زيارة أبنائهم.

وتشبه هذه الزيارة التي وعد بها الأهالي منذ عامين ولم تتم حتى اليوم، حقيبة الأسير أكرم زهرة التي ما تزال محضرة ومركونة إلى جانب خزانة والدته،على أمل أن تنطلق صافرة الأمل وترفع الأم هذه الحقيبة وتذهب بها لزيارة ابنها.