الرئيسية أحداث دولية
أحداث اليوم -
لا يثير تجديد الاتهامات السورية للأردن على نحو رسمي في دعم وإسناد المعارضة، وتحديدا بعد معركة درعا الأخيرة أية مشاعر سلبية لدى الحكومة الأردنية التي تصر على مبادلة إتهامات دمشق المتجددة بالمزيد من «البرود».
في ذهن الأردنيين الرسميين تفريغ علبة الاتهامات مجددا ضد الأردن سلوك مزمن للنظام السوري المأزوم بدلا من الاستجابة لمطلب أردني قديم يتمثل في عودة العسكر السوريين النظاميين إلى كل أنحاء درعا.
دوائر عمان الرسمية تؤكد بأنها وصلت إلى حد عرض المساعدة على نظام بشار قبل عامين والتقدم برجاء منه حتى تبقى مظاهر الدولة السورية على الجانب الأخر بما فيها مظاهر الجيش السوري النظامي لكن دون فائدة.
نظام بشار تجاهل فعلا وعدة مرات «رسائل أردنية» من هذا الطراز جازفت فيها دمشق لحسابات سياسية، ففي مجلس الوزراء الأردني لا زال يسود الاعتقاد بأن نظام بشار يتبع سياسية «حرق الأرض» لإرباك الجميع حتى بعد «التقوقع».
الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء وفي نقاش للوضع المعقد في سورية قال ان بلاده تعتبر وجود منظمات تعتمد على الإرهاب خطرا لا يقل عن خطر الفراغ في سوريا، مصرا على نفي كل علبة الاتهامات بخصوص تدريب وتسليح مقاتلين.
في إحدى الجلسات وسط سياسيين وبرلماينين رفع النسور صوته قليلا وهو يقول لأحد السائلين: لو وجدت دمشق متسللا واحدا من الذين تزعم أنهم تدربوا في الأردن لرأينا إعترافاته منذ زمان على شاشة التلفزيون السوري. في مكتب النسور يفيد مستشارون بأن نظام بشار الأسد «حرق» سجلات القيد المدني الخاصة بآلاف اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن ووضع شروطا صعبة ومعقدة لتجديد وثائقهم.
وفي المكان نفسه تفحص لجان استشارية وفنية تتبع مركز الأزمات الأردني وهو مؤسسة سيادية يرأس مجلس إدارتها رئيس الوزراء بصفته وزيرا للدفاع.. تفحص ما يتردد حول سياسات التقوقع التي قررها بشار الأسد على مستوى تأمين دمشق والتفاعل مع حماية مدن الساحل فقط والعمل بالتوازي على ان تبقى بقية المحافظات في سورية مفتوحة امام كل الاحتمالات.
الأرجح في القراءة الأردنية كما افضى مسؤول أردني بارز ان سياسة دمشق «انتقامية» وتتفاعل مع منطق الأرض المحروقة فطوال الوقت يعتبر الرئيس الأسد «درعا» بمثابة»مشكلة أردنية» وقد قال ذلك مباشرة للقيادي الفلسطيني عباس زكي عندما قابله الأخير.
لذلك لا تخرج عن سياقات نظام بشار الاتهامات التي تبنتها امس الأول الخارجية السورية بوقوف الأردن مع المعارضة في معركة درعا الأخيرة، وهي تهمة تعبر عن أزمة النظام وعن تفكير بنقل الأزمة لخارج سوريا وفي الوقت نفسه لم تعد تستحق حتى الرد عليها من كثر ما تكررت وفقا لمضمون ما يرد عن وزير الاتصال الناطق الرسمي.
عندما كان نظام بشار يعتبر درعا مشكلة أردنية كانت عمان تطالبه بالعودة إلى درعا ورفض الاستجابة على مدار عامين.
اليوم الأردن يراقب درعا جيدا ويتعامل فعلا مع المسألة على اساس انها «مشكلة أردنية» ويتواصل مع أهل درعا في القاعدة الاجتماعية والعشائرية والمتواجدين فيها من مقاتلين، الأمر الذي يغضب نظام دمشق ويثير مفارقات واتهامات التعاون مع المسلحين المعارضين مجددا.
بالنسبة لعمان توقفت برامج تدريب المعارضين منذ أكثر من عام ولا جديد على هذا الموضوع والنظام السوري يعرف ذلك جيدا والعودة لترويج الاتهامات المعلبة يستهدف التضليل وتصدير التأزيم، والأهم يستهدف المشاغبة على برنامج تسليح العشائر السنية في مواجهة الإرهاب.
في قياسات المؤسسة الأردنية بشار الأسد لا يريد معارك حاسمة مع الإرهاب، وخصوصا الذي يمثله «تنظيم الدولة» لأن وظيفة نمطية «الدولة» هنا لا زالت قائمة في ذهن اللاعب السوري، الأمر الذي يفسر الغضب على برنامج الأردن في دعم عشائر سنية وتسليحها ضد «الدولة».