الرئيسية أحداث اقتصادية
أحداث اليوم -
كشفت دراسة حديثة عن أن التغير المناخي سيتسبب بإضعاف الخصائص الغذائية لبعض المحاصيل الزراعية في الأردن ودول العالم، ما ينطوي على انعكاسات لسياسات مكافحة الجوع والفقر ويؤثر على التجارة العالمية للأغذية.
ووفق دراسة "تغير المناخ ونظم الغذاء: تقييم الانعكاسات والتداعيات الشاملة على الأمن الغذائي والتجارة العالمية"، الصادرة حديثا عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن الآثار المحتملة لتغير المناخ على الصحة والتغذية تتمثل بتفاقم انتشار الجوع المستتر، أي النقص المزمن في الفيتامينات والمعادن، وانتشار البدانة.
وقالت إن التركز الأعلى لثاني أكسيد الكربون (وهو الغاز الرئيسي المسبب للاحتباس الحراري والمنبعث من الأنشطة البشرية)، يؤدي إلى خفض كميات الزنك والحديد والبروتين، ويرفع من محتوى النشا والسكر في بعض المحاصيل الغذائية الرئيسية في العالم مثل القمح والأرز.
وبحسب الدراسة، فإنه يمكن أن يترتب على خفض كميات الفيتامينات آثار تغذوية وصحية بعيدة المدى.
وأظهرت النتائج التي توصل إليها مجموعة من العلماء والاقتصاديين الذين قاموا بدراسة الآثار الممكنة لتغير المناخ على قطاعي الغذاء والزراعة، على المستويين العالمي والإقليمي في غضون العقدين الماضيين، أن تفاقم ندرة المياه بسبب تغير المناخ في كثير من مناطق العالم، من شأنه أن يقلل من القدرة على إنتاج الغذاء، وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي والتغذية والصحة.
وتستشهد دراسة (فاو) بالبحوث التي أجريت مؤخراً في تقييم الأثر العالمي لتغير النظام الغذائي على استهلاك المياه المروية والبعلية على حد سواء.
وأشارت بعض النتائج إلى أن الحد من المنتجات الحيوانية في الحمية البشرية يمكن أن يوفر القدرة على حفظ الموارد المائية بكميات تصل إلى ما يعادل إطعام 1.8 مليار إنسان على المستوى العالمي.
ومن المسلم به على نطاق واسع، أن المياه ليست سلعة نموذجية، بل هي بالأحرى مورد محدد جغرافياً، يخضع الوصول إليه إلى حقوق، غالباً ما تُدار من قبل المؤسسات العامة، كما أن هنالك حاجة إلى نهج متوازن بين أدوات السوق والهياكل المؤسسية للحفاظ على توافر المياه والحصول عليها.
وفي تصريحات أوردتها الدراسة لنائب المدير العام للمنظمة لقطاع الموارد الطبيعية ماريا هيلينا سيميدو ومنسق (فاو) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية جومو سوندارام، في مقدمتهما المشتركة للدراسة، قالا إن "التهديد المتزايد لتغير المناخ على إمدادات الغذاء العالمية، والتحديات التي يطرحها على الأمن الغذائي والتغذية، إنما تتطلب استجابات عاجلة ومنسقة على صعيد السياسات".
وشدد الخبيران على الحاجة إلى "زيادة التركيز على الدوافع الهامة للتأقلم المناخي، بما في ذلك الدور المحتمل للتجارة كدافع تخفيف من بعض الآثار السلبية التي ينطوي عليها تغير المناخ بالنسبة للإنتاج العالمي للغذاء".
وتعتمد الزراعة، بحسب ما جاء في الدراسة، إلى حد بعيد على الظروف المناخية المحلية، وبالتالي فالمتوقع أن تكون بالغة الحساسية إزاء تغيرات المناخ خلال الأعوام المقبلة.
وعلى وجه الخصوص، فإن الأحوال الأكثر دفئاً وجفافاً بالقرب من خط الاستواء، من المحتمل أن تقلل الإنتاج الزراعي في تلك المناطق، في حين أن الاحترار المعتدل سيفيد على الأقل في المدى القصير إنتاج المحاصيل بعيداً عن المناطق المدارية.
وقال الخبير في شعبة التجارة والأسواق لدى منظمة (فاو) عزيز البهري في تصريحات في الدراسة التي قام بتحريرها، إن "تغير المناخ من المرجح أن يفاقم من عدم المساواة في العالم، إذ يُتوقَّع أن تقع وطأة التغيرات المناخية السلبية على عاتق أقل البلدان نمواً وأشدها ضعفاً".
ويبحث معدو الدراسة في كيفية أن العديد من التقنيات التي تستهدف التأقلم لتغير المناخ يمكن أيضاً أن تغل منافع مشتركة في التخفيف من آثاره، في نموذج من علاقة المقايضة.
وعلى سبيل المثال، يسهم الوقود الحيوي المستمد من المحاصيل حالياً في هدف التخفيف، كمصدر من مصادر الطاقة المتجددة، لكنه يمكن أن يفاقم الانبعاثات من خلال عمليات إزالة الغابات.
ويستشهد المعدون بدراسات تشير إلى أن التجارة ربما تتوسع في ظل تغير المناخ، مع تزايد التدفقات من مناطق خطوط العرض الوسطى والعليا إلى المناطق الأقرب من خط الاستواء، حيث يحتمل أن يتراجع الإنتاج وقدرات التصدير.
في الوقت ذاته، يمكن للأحداث المناخية المتطرفة الأكثر تواتراً، مثل الجفاف والأعاصير أن تؤثر سلبياً على التجارة عن طريق تعطيل وسائل النقل، وسلاسل التوريد، والخدمات اللوجستية.
وتشير الدراسة إلى أنه في حين يمكن للأسواق العالمية أن تساعد في استقرار الأسعار والإمدادات، وتوفير خيارات الغذاء البديلة للمناطق المتأثرة سلبياً من جراء تغير المناخ، إلا أن التجارة وحدها ليست كافية كاستراتيجية للتكيّف.
وأكدت أن ثمة حاجة إلى اعتماد استراتيجيات تكيّف محلية تسمح للبلدان والمناطق بتجنب الاعتماد المفرط على الواردات، على النحو الذي يميل إلى زيادة التعرض لتطايُر الأسعار.
ويتمثل التحدي الآخر في الحاجة إلى مواءمة السياسات التجارية مع أهداف المناخ وضمان أن تلعب التجارة المفتوحة دورها كآلية تكيف دون إعاقة أهداف التخفيف.
ويدعو واضعو الدراسة إلى "حوار منظم" بمشاركة مجموعة واسعة من أصحاب الشأن، بمن في ذلك الخبراء العلميون وصناع السياسات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لتقييم الآثار العالمية والإقليمية والمحلية والتحقق منها، بغرض توعية ودعم إجراءات السياسات ذات الصلة بتغير المناخ.
ويمكن أن يتخذ ذلك شكل منتدى يتيح بوابة شبكية عالمية بشأن آثار تغير المناخ على الزراعة وسياسات التجارة والأمن الغذائي. ويمكن لمثل هذا المنتدى أن يدعم السياسات والمبادرات التي تستهدف تعزيز الأمن الغذائي والتغذية من خلال توفير أفضل الأدلة العلمية الملائمة لكل حالة، وبالمستويات النوعية المطلوبة حول التأثيرات المناخية.