الرئيسية مقالات واراء
الأصل في المسلم أن يربي النفس في رمضان على العبادة والقيام والاستغفار، فيجردها من شهواتها وملذاتها، ويقيمها على الصبر والتقوى؛ إذ من مقتضى الإيمان بالله عز وجل أن تكون لذة العبد وشهوته مصابرة عما تميل إليه إذا كان فيها سخط الله عز وجل ، بل من صفات الإيمان الحق أن يرتقي العبد بنفسه إلى أن يكره كلّ ما يكرهه الله عز وجل ، ويرتفع عنه وإن كان ملائما للنفس؛لأن النفس إذا خلت من التقوى فهي خراب ، وتراكمت عليها ظلمة الذنوب ، فلا تبصر ولا تسمع بعدها.
فمن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل :" إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أتاك الله خيراً منه" رواه أحمد.
وعليه أن يكون الصيام عن كل ما حرم الله عز وجل ، وليس عن الطعام والشراب كما يعتقد الكثير من الناس؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قول الزور والعمل به ؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري، وفي حديث آخر :" ليس الصيام من الطعام والشراب،إنما الصيام من اللغو والرفث" رواه الحاكم وغيره.
وقال جابر:" إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".
وجماع تحقيق ذلك في النفس أن يربي العبد النفس على الصبر ؛ لأن الصيام من الصبر، وقد قال الله تعالى:" إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب" الزمر:10، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر؛ فقد ثبت في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال :" الصوم نصف الصبر" رواه الترمذي، وفي حديث ابن خزيمة في صحيحه :" وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة"؛ ففيه صبر على طاعة الله عز وجل ، وصبر على ما حرم الله على الصائم من شهوات، وصبر على ما يحصل للنفس من ضعف .