الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
في السادس من أغسطس عام 1945 كانت قنبلة هيروشيما المعروفة، القنبلة التي رفعت الحرارة الأرضية حول مكان انفجارها لدرجةٍ صهرت كل ما حولها من بيوتٍ ونباتاتٍ و بشرٍ..
القنبلة التي دمرت مدينةً بأكملها وتسببت بمقتل ثلث سكانها، ولكنها سطّرت تاريخ اليابان إلى يومنا هذا! قنبلةٌ يصفها اليابانيون بأنها كانت خيراً لليابان فوجهتها من الحرب إلى التعمير، وفي غضون 7 سنوات عادت الدولة إلى ما كانت عليه .. وبدأت مسيرة التطوير!
دولة اليابان، أو كوكب اليابان كما وصفها مقدم برنامج خواطر أحمد الشقيري وبالتحديد في الموسم الخامس من البرنامج الذي تم تصويره كاملاً في اليابان ولليابان.
ولكن لماذا خصَّص أحمد الشقيري لليابان موسماً كاملاً بمفردها؟ لماذا قال رأيت في اليابان ما لم أرهُ في أمريكا ولا في أوروبا؟
هل لأنها ثالث قوة تجارية في العالم؟ أم لأنها بلد تويوتا وهوندا ونيسان وباناسونيك وسوني وفوجي فيلم، وغيرها من الشركات الضخمة التي غزت وما زالت تغزو العالم بأجهزتها ومنتجاتها إلى يومنا هذا! أم لأن التكنولوجيا اليابانية هي من أنجبت للعالم الإنسان الآلي؟
في الواقع .. نحن لا نحتاج أن ندرس اقتصاد اليابان بقدر ما نحتاج أن ندرس أخلاق اليابان وشعب اليابان .. الشعب المعروف عالمياً بالشعب العظيم، الشعب الذي يبهر العالم دائماً بتصرفه الراقي في أوقات الزلازل والكوارث البيئية!
الشعب الذي لم تمنعه ثروته من أن يكون أكثر شعوب العالم تواضعاً، لم يمنعه تقدمه من أن يلتزم بعاداته وتقاليده إلى يومنا هذا! فهم ما زالوا يأكلون بالعيدان، و يزيّنون مهرجاناتهم وأعيادهم بأزيائهم اليابانية العريقة، وهم ما زالو ينحنون لبعضهم عند السلام! فالانحناءة في اليابان ليست مجرد حركة روتينية يؤديها الناس ولكنها عندهم احترام، ثقافة ووعي شعبٍ كاملٍ لا يتهاون أبداً بتطبيق ما نشأ عليه!
لنكن واقعيين .. رقيّ اليابان وتحضرها وتقدمها ليس محض صدفةٍ ولم يحدث بين يومٍ و ليلةٍ! إذن فلنخض قليلاً في بعض الأسباب التي أدت إلى هذا..
المدرسة اليابانية
كل ما في الأمر مبدأ! مبداٌ يتعلمه الطالب من أول يوم يدخل فيه إلى المدرسة، مبدأ احْتَرِم تُحتَرَم
ماذا تنتظر من طالبٍ يذهب إلى المدرسة كل يوم فيرى مدير المدرسة وهو يتفقد الحال في الخارج ويساعد الطلاب في الدخول إلى المدرسة و يحييهم؟ ويرى معلّميه وهم يقفون على الباب ليحييونه وقت دخوله؟ ويرى عمالاً كل مهمتهم هي الوقوف عند الطرق لمساعدة الطلاب في عبور الطرق أمام المدرسة؟ ماذا تتوقع منه سوى أن يحترم مدرسته!
الطلاب اليابانيون لديهم ربع ساعة يومياً مخصصة فقط لتنظيف المدرسة! الطلاب هم من يرتبون طاولاتهم عند موعد الأكل وهم من يقدمون الوجبات لأنفسهم، ويساعدون بعضهم و لا يأكل أحدهم إلا عندما ينتهي توزيع الأكل على كل الطلاب!
لا يتركون حبة أرز واحدة في الطبق! فكل طبقٍ به ما يكفي صاحبه فقط، لا يرمى طعامٌ فائضٌ .. لا إسراف! يجمعون الصحون ويغسلون أسنانهم وكل هذا في المدرسة!
والجدير بالذكر أن هذا ليس روتيناً صعباً أو مزعجاً بالنسبة لهم! فلا تراهم يتأفّفون ويغضبون من العمل بل على العكس! فالابتسامة تملأ وجوههم والنشاط يسيطر عليهم كلياً! فهم لا يعرفون إلا هذه الحياة! هم لا يعرفون معنى الفوضى والهمجية والمشاغبة! يعرفون فقط معنى احترام مدرستهم، هذا بالإضافة إلى طرق التدريس المبتكرة التي يعتمدها اليابانيون في مدارسهم ولن نتطرق للحديث إليها في هذا المقال ..
هذه هي المدرسة اليابانية التي أخرجت لليابان أكيو موريتا وسويتشيرو هوندا وماساررو إييوكا وكونو سوكي ماتسيوشيتا وغيرهم من العظماء الذين سطروا تاريخ واقتصاد اليابان!
الصحة
لن نتحدث عن المطبخ الياباني الذي يقدم في أطباقه كل ماهو مفيد وصحي فقط! من أسماك ولحوم وأرز وخضراوات وغيرها .. ولكنها معادلة بسيطة يتبعها اليابانيون!
طعامٌ صحي + كميات معتدلة + رياضة يومية = شعبٌ لا تزيد نسبة السمنة فيه عن 4%
لا ارتفاع ضغط دم، لا سكري، و لا كوليسترول، بالإضافة إلى متوسط أعمار يصل إلى 86 سنة! وهو الأعلى في العالم.
القراءة
شعب يقرأ شعب لا يجوع ولا يُستعبد
شعب اليابان يقرأ، يقرأ في كل مكان وفي أي وقت .. فهم لديهم كتبهم الخاصة بلغتهم الخاصة وبمفاهيمهم الخاصة في كل المجالات ولكل الأعمار! هم يؤمنون أن القيادة أساسها القراءة، شعبٌ يبدع في كتبه فلا يمل من يقرأها أبداً!
والنتيجة.. نسبة أمية 0%، فليس هناك يابانيٌّ لا يجيد القراءة والكتابة على الأقل!
الوقت
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، حكمةٌ نردّدها و نتوارث ترديدها وهم ينفذونها ويتوارثون تنفيذها!
فلعل من خصال اليابانيين المعروفة والتي يتوارثونها جيلاً بعد جيلٍ هي الاحترام الشديد للوقت، فلا يتأخر طالبٌ عن موعد مدرسته، لا تأخر في مواعيد العمل وفي الباصات .. ولا تقدّم أيضاً! فالوقت هو الوقت، وهم لا يملكون وقتاً لتضييعه! فهم شعب يعمل ..
هذه هي اليابان، الدولة التي تمتلك سدس مساحة المملكة العربية السعودية بما يعادل ثلث مساحة مصر، الدولة التي لا تمتلك أرضاً مؤهلة للسكن والعيش سوى 20% من مساحتها الصغيرة! الدولة التي تشكّل فيها الجبال والبراكين ما يقرب من ثلاثة أرباع المساحة، الدولة التي تتعرض للكوارث الطبيعية والزلازل والبراكين بشكل مستمر!
فماذا بإمكاننا أن نقول عن اليابانيين أيضاً؟
هل نصف أمانتهم التي جعلتهم والعالم يسلّمون بحقيقة ( Nothing gets lost in Japan )؟
هل نتحدث عن نظافة مدارسهم وشوارعهم وحدائقهم لدرجة أنهم لا يحتاجون إلى سلال قمامة في الشوارع والحدائق فكل شخص يتكفل بقمامته!
هل نتحدث عن وعيهم ، ثقافتهم ، نظامهم ورقيهم؟
فقد صدق فعلاً من قال ( إذا كان العالم يلهو فاليابان تعمل ).
إذا أحسست و لو للحظة أن هذا الكلام يحمل جزءاً من المبالغة، فدع اليابان إذن تتحدث عن نفسها!