الرئيسية مقالات واراء
مناسبتان تصادف حضورهما هذا الاسبوع لهما دلالات كثيرة وتاريخية:
الاولى: احتفال اليابانيين بذكرى القنبلة الذرية التي اسقطت على هيروشيما، والثانية: افتتاح السفارة الاميركية في هافانا كوبا بعد أن بقيت مغلقة منذ عام 1960.
الملاحظ ان اليابانيين, وهم شرقيون, لم يجعلوا من مصرع نصف مليون من مواطنيهم مناسبة للعداء مع الاميركيين منذ اليوم الاخير للحرب العالمية الثانية. فقد خسروا الحرب, ووقعوا وثيقة الاستسلام. وقرروا طي الصفحة كلياً في تحالف عز نظيره مع الاميركيين, الذين وصلت جيوشهم جزيرة «اوليناوا», فرفعوا عليهم العلم الاميركي كقاعدة عسكرية كبرى على ارض يابانية. لكنهم لم يدخلوا شبراً واحداً بعدها. وقبل اليابانيون حماية التحالف مع اميركا لدى الحرب الكورية التي كادت تشعل الصراع الاميركي - السوفياتي, وما تزال هذه الحماية قائمة في وجه جنون الجزء الشمالي من كوريا.
وهذا التحالف العجيب بين المنتصر والمهزوم أتاح لليابان أن تنهض دون كلفة الدفاع.. وتصبح أكبر ثالث اقتصاد في العالم.
والملاحظ أن كوبا التي كانت الشوكة في خاصرة الولايات المتحدة, وصلت الى نتيجة ولو متأخرة: ان الحرب الباردة انتهت. وان الحصان الكوبي فيديل كاسترو شاخ ودخل التسعين. وهذا الاسبوع جاء وزير الخارجية الاميركية ليرفع العلم الاميركي على سفارة بلاده في سانتياجو بعد أن ارتفع العلم الكوبي على السفارة في واشنطن. لكن الحرب الاقتصادية الاميركية على كوبا ما تزال قائمة.. ومن الصعب الغاؤها لأن الجمهوريين في الكونغرس ولهم الاكثرية سيعارضون رفع العقوبات.. لأن هناك انتخابات, ولانهم يحتاجون الى اصوات «ديدان الارض» كما يسميهم فيديل وهم اللاجئون الكوبيون في فلوريدا.
وزير الخارجية الاميركي تحدث طبعاً عن الديمقراطية وحقوق الانسان. لكنه قال كلاماً هاماً عن العلاقات الممتازة بين اميركا وفيتنام.. والتعاون المثمر بين البلدين.. رغم الحروب التي استمرت ربع قرن مع الاستعمار الفرنسي, والامبريالية الاميركية.
شيء ربما صعب علينا أن نستوعبه, وهو ازالة التاريخ من طريق المستقبل. وتجاوز الهزائم العسكرية المذلة.. لكننا هنا نرفع اصبعنا فقضايانا مع اسرائيل - وربما مع اميركا الواقفة وراءها - قضايا لم تبق في التاريخ. وانما هي مستمرة. والحرب علينا مستمرة, وهزائمنا تكاد تكون يومية. فالواضح أن العدو لا يريد طي صفحة الماضي. وانما هو يصر على وضعنا داخل دائرة «الهزيمة الدائمة».