الرئيسية أحداث محلية
أحداث اليوم -
كتب : فارس الحباشنة
حركة «تجارة الكتب» تعطي مؤشرا واضحا على وضع القراءة في البلد، المعروف بضحالة أقبال مواطنيه على شراء الكتب واهتمامهم بالقراءة، وهي كما يبدو أزمة مركبة وعميقة في العقل الأردني يتحمل مسؤوليتها أطراف عديدة، ولربما أنها عنوان عريض لما تعانيه الثقافة من أزمة لا يقل حال تداعيها عما هو سياسي واقتصادي واجتماعي أيضا.
الاحصاءات وأرقامها حول الكتاب تعكس واقعا مريرا للقراءة في بلادنا، فالأردني يقضي سنويا من ساعة الى ساعتين فقط للقراءة ، وهو معدل افتراضي أيضا غير دقيق، لربما يقل عن ذلك، 1 % من الاردنيين يشترون بالعام كتابا أو مجلة،و 90 % من الشباب لم يمسكوا بحياتهم غير الكتاب المدرسي أو الجامعي.
وقس على ذلك من الارقام التي تفضح واقع الكتاب «المرير والعسير»، الكتاب بات يهجر ومهددا بالاندثار ، ولم يعد ثمة حاجة الى تداوله، وصارت أزمته عنوانا مرشحا للاعتراف بان الاردنيين شعب لا يقرأ «أمي «، وان ما يقام من معارض للكتاب تتصدر مبيعاتها كتب الطبخ والابراج والكتب الدينية والفتاوى .
تدهور وتراجع القراءة لا ينحصر على الجمهور «العامة «، بل أنه يمتد للنخب من مثقفين وسياسيين وأكاديميين، هذا ما تفضحه معدلات الاقبال على الكتاب والعناوين الاكثر رواجا، وما تفضحه أكشاك وبسطات الكتب المنتشرة في شوارع وساحات عمان القديمة.
في عمان القديمة يروج بيع الكتب لرجال» سلطة عتيقين «، يبحثون في رحلتهم الموسمية لوسط البلد عن خلق صورة انطباعية عند الجمهور المسحوق بانهم يقرأون ويبحثون عن الحكمة، بالطبع هي صورة هشة ، تفضح بسهولة وبسرعة البرق، مجرد أن يطل ذلك الرجل السلطوي على شاشة التلفزيون أو يظهر في حوار عام، فتنكشف كل أوراقه وتفضح ضحالة امكاناته الثقافية ومداركه المعرفية.
ربما أكثر ما يهز ان النخب التي تشتري الكتب، كمن يشتري «صناديق الفاكهة لرميها في قصورهم الضخمة للديكور والزينة والتقليد «الطبقي «، عندما يطلون على الراي العام بمطالعات «نصية مكتوبة» عن الشأن العام، تكتشف حينها معنى أننا «شعب امي «.
في أزمة الكتاب، فالقراءة ليست ترفا ولا فعلا للتسلية كما يروج حولها من انطباع عام مقيت، القراءة تحرر العقل من الاوهام وتحرر الإنسان من القيود، وتصنع أفقا نقديا لامنظورا في مقاومة ما هو متكدس ورجعي ومتبلد من أفكار.
انحدار القراءة يسمح لقوى الشر والظلامية والتكفيرية أن تملأ فراغات غياب سلطة